الزبالة مش كلها للحرق

الزبالة مش كلها للحرق

كيف نخفف من أزمة الزبالة؟

أولا، من المهم الإشارة الى ان حرق الزبالة من أساسه هو مشكلة صحية وبيئية، وعملية الحرق للتخلص من النفايات هي عملية غير مقبولة عالميا حتى في المزابل ذاتها. من هنا فإن البلد التي يضطر سكانها الى حرق نفاياتهم، وضعها اسواء من وضع المزابل. 

ثانيا، مهم التمييز بين النفايات البيتية، والنفايات الناتجة عن المحلات التجارية، او عن المطاعم. الملاحظات التالية تخص النفايات المنزلية. اما نفايات المصالح التجارية، فلها طرق مختلفة للتخلص من النفايات، وذلك نظرا لكمية هذه النفايات ونوعيتها، وهي تختلف بشكل كبير عن النفايات المنزلية.

ثالثا، حجم النفايات ليس تعبير حقيقي عن كمية النفايات، بالتالي من الممكن العمل على تقليص حجم "كومة الزبالة" الموجود في الشارع، كما يمكن العمل على تقليل كميتها فليس كل ما نرميه الى الزبالة هو حقا زبالة.


النفايات على حقيقتها

بالنسبة للنفايات البيتية ممكن تقليص حجم النفايات وكميتها بعدة طرق، وهذا بالاعتماد على مبدأ فصل النفايات بالمصدر، أي فصل النفايات في لحظة انتاجها. نعم نحن منتجون للنفايات، هذا ما اكثر ما ينتجه البشر في حياتهم اليومية، وعلينا أن نأخذ مسؤولية على عملية إنتاج النفايات وعلى دورنا فيها. وبما انه الكل عم بعاني، فممكن كلنا نعمل خطوات صغيرة للتقليل من المشكلة.

(1)   في المنزل، نبدأ بفصل النفايات العضوية عن النفايات غير العضوية. النفايات العضوية هي النفايات الناتجة عن عملية اعداد الطعام: قشور الفاكهة، قُمع الخضروات، بقايا الطعام. كل ما يمكن ان يُهضم داخل الأمعاء يمكن ان يتحلل خارج الأمعاء ويعود الى الطبيعة.

(2)   عمليات التحلل نوعين، هوائية أو لا هوائية. الرائحة النتنة الكريهة تنتج عن عمليات التحلل اللاهوائية، فكيف نمتنع عنها؟

      التحلل الهوائي، من اسمه، هو تحلل يتم مع تعرض النفايات الى الهواء. تحديدا الى الأكسجين الموجود في الهواء والضروري لعمليات الاكسدة والتحلل. هذه العملية لا تنتج عنها رائحة نتنة. الرائحة النتنة تنتج عن التحلل اللاهوائي، وهو التحلل الذي يتم عند انعدام الأكسجين، أي بظروف لا يوجد بها تهوئة كافية للمواد العضوية. 

فعل سبيل المثال، عندما نضع النفايات العضوية مع البلاستيك والنايلون في سلة نفايات المطبخ، البلاستيك والنايلون يعملون على "خنق" النفايات العضوية، وعلى إجبارها على التحلل بدون هواء. عملية التحلل اللاهوائية هي مصدر الرائحة النتنة في سلة نفايات المطبخ. اذا فصلنا بين النفايات العضوية وبين النفايات الأخرى، مثل البلاستيك والكرتون والنايلون والعلب المعدنية، ووضعنا النفايات العضوية في سلة جانبية مفتوحة، لن ينتج عن البلاستيك والكارتون النايلون والعلب المعدنية روائح كريهة، اما بقايا الطعام، فسوف تتحلل بعملية تحلل هوائية لا ينتج عنها رائحة كريهة.

من هنا فإن الفصل في المصدر بين النفايات العضوية وغير العضوية هو في مصلحة المطبخ أولا قبل الشارع. عندما تبدأ في فصل النفايات سوف تلاحظ ان النفايات في المطبخ أصبحت عديمة الرائحة أولا. ثانيا، لا ينضب عنها سوائل كريهة نتنقط على طول الطريق من المطبخ الى الشارع، مرورا بالدرج والساحة والمطلع المشترك مع الجيران، هذا لان هذه السوائل تنتج عن عملية التحلل اللاهوائية للمواد العضوية. 

ملاحظة 1: وجود الماء مع النفايات العضوية، يحول عملية التحلل الهوائية الى لا هوائية، وذلك لان الماء يمنع وصول الهواء الى النفايات. في حال ووجود نفايات عضوية رطبة، مهم جدا وضعها مع النفايات العضوية، لكن هذا يتطلب ان يتم التخلص منها في وقت اسرع.

بالنسبة للنفايات العضوية التي تتجمع في المجلى، من المهم تقليل كمية الماء الموجودة فيها قبل نقلها الى سلة النفايات ومن الأفضل الامتناع من الأساس عن التعامل مع المجلى كما لو كان حاوية نفايات، فعلى الصحون والطناجر ان تصل الى المجلى فارغة تماما، أي بعد ان تم تفريغ محتواها في سلة النفايات العضوية.   

ملاحظة 2: بالنسبة للعلب المعدنية والبلاستيكية، في حال وجود بقايا طعام على هذه العلب افضل شطفها بقليل من الماء قبل تحويلها الى سلة النفايات.

سلة كومبوست بيتية

(3)  التخلص من النفايات العضوية: من الممكن في الحديقة المنزلية، في زاوية مخصصة للنفايات العضوية. وكما ذكرت سابقا اذا تم الحفاظ عليها جافة فلن تنتج عنها رائحة، بل سوف تتحلل وتغذي التربة. ولمن يريد ان يحافظ على جمالية المكان، ممكن تأطير هذه الزاوية ببعض الحواجز الخشبية، او ممكن اقتناء سلة كومبوست تحفظ التهوية كالسلة التي في الصورة. كذلك، وهذا مفيد لمن لا يوجد لديه حديقة، ممكن فرم هذه النفايات العضوية بالمكسر، وتوزيعها على الأصص (القواوير) مما سوف يسعد نباتاتكم.  

كذلك ممكن اعتماد عملية التحليل الرطبة، بإضافة الماء الى المواد العضوية، مما يسرع من عملية التحليل، لكن هذا يتطلب منكم بعض الجهد لتقليب النفايات بشكل دائم، كي لا تتعفن ولا ينتج عنها رائحة نتنة. 

زاوية كومبوست بيتية

(4)   بعد ان تخلصنا من النفايات العضوية وحولناها الى سماد عضوي حقيقي تستفيد منه النباتات المنزلية، يبقى لنا الجزء الأسهل في التعامل مع ما تبقى من نفايات غير عضوية وهو التقليل من حجمها.

(5)   التقليل من حجم النفايات يتطلب أولا فصل كل ما هو ليس نفايات حقيقية، عن النفايات. على سبيل المثال: القناني الزجاجية، يكفي ان تضعها في كيس منفصل الى جانب سلة النفايات، خلال ساعات الليل سيأتي من يأخذ هذا الكيس ليقوم لاحقا باستبدال كل قنينة فارغة بـ30 أغورة. ليس المطلوب منك سوى ان تضع هذه الزجاجات بحالة نظيفة في كيس منفصل الى جانب كومة النفايات، وسيأتي من "يخلصك" منها. 

(6)   بالنسبة للقناني البلاستيكية، قناني المشروبات الخفيفة، من المفضل ان تضغطها لإخراج الهواء منها والتقليل من حجمها قبل ان ترميها في سلة النفايات. هذا يقلل من حجم كيس النفايات البيتي اولا، كذلك من حجم كومة النفايات المتراكمة في الشارع. 

(7)   بالنسبة للكراتين أيضا، ممكن طيها قبل القائها الى كومة النفايات في الشارع. هذه الملاحظة مهمة جدا للمحلات التجارية، التي غالبا ما ترى تلال الكراتين الفارغة بجانبها. لكن لو قام أصحاب هذه المحلات التجارية بتقليل حجم هذه الكراتين، لكان بهذا فائدة كبيرة للجميع. كذلك من المهم فصل هذه الكراتين عن النفايات الأخرى، لأن هذه الكراتين مصنوعة من مواد عضوية، وفي حال وجود نفايات عضوية في سلة المهملات، هذه الكراتين سوف تنضم الى عملية التحلل اللاهوائية وسوف تفاقم من مشكلة الروائح الكريهة.

(8)   بالنسبة للنفايات العضوية الناتجة عن المطاعم وعن الملاحم ومحلات مشابهة، هذه أصلا يجب التخلص منها بطرق أخرى مختلفة وليس عن طريق سلال النفايات العامة. 

(9)   للنهاية، في حال تخلصنا من وجود النفايات العضوية في سلال النفايات العامة، تبقى اكوام النفايات بدون رائحة، وعلى ذلك لن يضطر أي منا الى حرقها. سيكون المشهد مقيت، لكن على الأقل بدون رائحة كريهة ولن نضطر الى استنشاق الدخان المُسرطِن.


فصل النفايات في المصدر: عضوية وغير عضوية 

 ممكن المعاينة والتحميل كملف pdf

الحمدلله

 أكثر كلمة تأملت فيها هذه السنة هي "الحمدلله"

"عمو هادا حلم ولا حقيقة؟"
"قولي الحمدلله"
"امي ماتت"
"قولي الحمدلله"
"اولادي استشهدوا، بس الحمدلله"
الحمدلله.... الحمدلله... الحمدلله...
بالرغم من كل شيء دائما هناك "شيء" نحمد عليه، ودائما هناك من نحمده على هذه "النِعم".
الحمدلله.
بالرغم من كل الدمار الحمدلله.
حتى لو لم يبقى شيء في العالم، يبقى هناك الحمد ويبقى هناك من نحمده.
"الحمدلله"، لا يمكن لاي طيارة او عشرات الأطنان من المواد المتفجرة أن تنسفها.
"الحمدلله"، كل يوم كل ساعة كل دقيقة "الحمدلله".
عالم كامل في كلمة "الحمدلله"... بالأحرى في كلمتين...
قبل عشر سنوات قالت لي مدربتي (مدربة التنمية البشرية، التي لم أتمكن من دفع تكاليفها لأكثر من بضع لقاءات)،
أن اذكر كل يوم عشرة أشياء انا "شاكرة" عليها.
"شاكرة"... كلمة واحدة فقط وليست كلمتين.
شاكرة للمجهول.
الحمدلله على كل حال على مدربتي وعلى أنني لم أتمكن من دفع تكاليفها.
الحمدلله بكل الأحوال وعلى كل شيء الحمدلله.
على الموت على الصحة على الفرح على السعادة على الحزن على الفشل على النجاح، الحمدلله.
كله فاني، وتبقى "الحمدلله".
يسألني أصدقائي عن احوالي، ولا اجرؤ على القول "حمدلله".
كم أتمنى لو اقول "الحمدلله"، وأحيل اموري كلها بعيدا عن فضول الناس.
نجاحي، فشلي، سعادتي، حزني، صحتي ومرضي، "الحمدلله".
كأن بها هذه الـ "حمدلله" خطر انزلاق نحو المجهول.
حمدلله على كل حال على انعدام الجرأة على قول "الحمدلله"،
لا بد أن هذا بحد ذاته يوجد به حكمة لا ادركها.

   

قضية شلهوب-كيفوركيان من الشخصي والخاص الى السياسي والعام

عادت بروفيسور شلهوب-كيفوركيان إلى عملها، لكن جو الإرهاب ما زال مستشري في الجامعات.

وللحقيقة، لم تعد شلهوب-كيفوركيان إلى عملها بالجامعة بفضل جهد أو عمل قمنا به، بل لأن الجامعة من الأساس أوقفتها عن العمل حتى نهاية الفصل، وقد كان قد بقي للفصل على نهايته مدة لا تتجاوز الأسبوع. من هنا فإن الجامعة لم ترجع عن قرارها، رغم التمثيلية الصغيرة التي قامت بها، إنما عودة شلهوب-كيفوركيان إلى التعليم كانت أمرا طبيعيا ناتجا عن قرار كان منذ بدايته محددا بفترة زمنية قصيرة. فرجاءً حبذا لو تحلينا ببعض التواضع والواقعية خاصة المحتفلين منا بالأمر كما لو كان هذا إنجازا حقيقيا عظيما لعمل ما قمنا به. وفي الحقيقة أننا غير الفضفضة والاستنكار والاستهجان والإدانة لم ننجز أي شيء.

بالعكس فقد أعلنت الجامعة العبرية خلال هذه المسرحية السريعة أنها "جامعة صهيونية". ورغم عودة شلهوب-كيفوركيان إلى التعليم لم تتراجع الجامعة عن إعلانها الخطير والمبهم هذا، بل مر الموضوع مر الكرام.

أي إنجاز حقيقي في قضية شلهوب-كيفوركيان كان يجب عليه أن يخرج من الشخصي والفردي إلى السياسي والعام، فالملاحقة السياسية ليست بأمر شخصي يقتصر على هذا أو ذاك. وما حدث مع بروفيسور شلهوب-كيفوركيان ليس بقضية خاصة، بل هي قضية سياسية عامة لها اسقاطات وابعاد على كل العاملين في الأكاديمية الإسرائيلية.  

ملاحقة الأكاديميين في الجامعات الإسرائيلية مستمرة، فقد وصلني بالأمس خبر من صديق (يهودي إسرائيلي يساري) بأن طلابه قاموا بالتوقيع على عريضة قدموها إلى عميد الكلية مطالبة بفصله من العمل بسبب مواقفه المعلنة المناهضة للحرب.

ولا يفاجئني أن تتكرر هذه الملاحقات إن لم نتصدى لها اليوم. ولا يمكن السكوت على ما حدث مع شلهوب-كيفوركيان والتعامل معه كأنه موضوع شخصي يخص نادرة ومناصريها، فهذه الملاحقة ستطالنا جميعا، والدليل على ذلك هو القدر الكبير من الساكتين على ما حدث. فليس هذا السكوت إلا الدليل الحقيقي الواقعي والملموس على هذه الملاحقة. 

تراجيديا الحيز العام، اللافتات كنموذج

ضمن سلسلة ندوات حول شكل المدينة،
 الأسبوع القادم، يوم السبت القادم 30 آذار الساعة الثامنة مساء، الجلسلة الأولى في "الدار" في الناصرة.