هذا اليوم حزين مرتين، المرة الأولى لذكرى ضحايا المحرقة النازية، والمرة الثانية للاستحواذ الصهيوني على الذكرى ولاستثمارها السياسي الرخيص.
في هذا اليوم من المهم ان نتذكر ضحايا المحرقة النازية كما نتذكر ضحايا جرائم اخرى ضد البشرية مثل ضحايا مذبحة الارمن، ضحايا التطهير العرقي في رواندا، ابادة السكان الاصليين في دول الاستعمار الاستيطاني، المسلمين في بورما وغيرهم.
في هذا اليوم مهم ان نتذكر ضحايا المحرقة النازية ونتذكر انها لم تستهدف اليهود وحدهم بل استهدفت ايضا الغجر والمثليين واشخاص مع اعاقة جسدية او عقلية وكل من لم يتطابق بشكل او بأخر مع فكرة السمو والنقاء العرقي الآري.
في هذا اليوم من المهم ان نتذكر ان الحركة الصهيونية سبقت المحرقة بحوالي خمسون سنة على الاقل، كذلك الهجرات الصهيونية الى البلاد (الهجرة الثانية والثالثة، 1914 و1918-1923) هي ايضا سبقت المحرقة وسبقت صعود النازية. من هنا، فان الادعاء بأن دولة اسرائيل قامت بسبب المحرقة، هو ادعاء باطل وبمثابة استحواذ واستثمار سياسي رخيص لفاجعة انسانية بهدف شرعنه مشروع استعمار استيطاني اوروبي في فلسطين لا علاقة له بالكارثة.
هذا لا يلغي اللاسامية الاوروبية التي كان لها دور في نشوء الحركة الصهيونية، لكن الرواية الصهيونية الشعبية التي تعتمد على اثارة المشاعر المبالغ بها تجاه المحرقة وتصويرها كالسبب بال التعريف وراء قيام دولة اسرائيل هي رواية باطلة وذلك لمجرد السبب البسيط انه الصهيونية سبقت النازية بما يقارب الخمسون عام.
الاعتراف بهذا الاستثمار السياسي الرخيص لا يلغي الاعتراف بالفاجعة الانسانية التي حصلت، لكنه يلقي الضوء على جوهر المشروع الصهيوني الاستعماري.
من هنا من المهم ان نتذكر المحرقة ككارثة بشرية يجب ان نحزن على ضحاياها، لكن من المهم ايضا ان نفض العلاقة المباشرة بين المحرقة وبين قيام دولة اسرائيل وان نفند هذه الرواية السياسية الديماغوجية.
كذلك من المهم ان نتذكر ان الغالبية العظمى من اليهود الناجين من المحرقة اختاروا اللجوء الى دول اخرى واستقروا اليوم بغالبيتهم في الولايات المتحدة، اما من اختار الانتقال الى فلسطين والمشاركة بمشروع الاستعمار الاستيطاني فيها فقد كانوا اقلية من بين الناجيين، بعضهم انعدمت خياراته ولم يتبقى له الا خيار واحد وهو اللجوء الى فلسطين والاندماج بالمشروع الصهيوني. هؤلاء كانوا ضحايا مرتين، ضحايا المحرقة النازية في المرة الاولى وضحايا المشروع الصهيوني في المرة الثانية الذي استغل ضائقتهم وانعدام الخيارات والسبل امامهم وما زال الى اليوم يستثمر بفاجعتهم الانسانية لشرعنه مشروع استعماري استيطاني ليسوا بالضرورة مشاركين به طواعية.
من المهم ان نتذكر ضحايا المحرقة النازية ومن المهم ايضا ان نرفض الستحواذ الصهيوني عليها وان نفضح الاستثمار السياسي الرخيض في هذه الفاجعة الانسانية.
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق