(من القصص التي قد يهواها مايكل مور)
شهد العالم في الفترة الأخيرة عمليات مكثفة للبحث عن مصادر طاقة بديلة للنفط، وباتت تعرف بالطاقة البديلة.
وراء هذا البحث عاملين الأول الارتفاع المستمر لأسعار النفط والبترول والأخر سيطرة ما يسمى بالإرهاب على كميات كبيرة من مخزون النفط العالمي. ولا أخص في الحديث العراق أو إيران فأن كل من يملك النفط يتحول إلى "الإرهاب" وان كان في العراق إيران أمريكا اللاتينية أو غيرها. طبعاً هذا المستوى من البحث ألاهث وراء الطاقة البديلة تأثر بالأزمة الاقتصادية الراهنة حيث عادت وانخفضت أسعار النفط وبهذا تأثر سلبياً الأهتمام في البدائل وأنخفض الاستثمار في التنقيب والبحث عنها.
إضافة إلى ذلك أن البحث عن بدائل للطاقة البترولية، وهي السبب الرئيسي في ارتفاع الحرارة وتغيير المناخ، يزيد من احتمالات تطوير طاقة نقية غير ملوثة. ومن مصادر الطاقة البديلة المتعارف عليها اليوم: الرياح – وهي أنقى ما يكون من طاقة إلا أن تكلفتها باهظة، الجداول المائية، أمواج المحيطات – أحدث اكتشاف، البيوديزل - وهو سبب ارتفاع أسعار المؤن الغذائية حيث تحولت الذرة والرز وغيرها من غذاء إلى مصدر للطاقة وهكذا تنافست في العام المنصرم آلتي الإنتاج والاستهلاك اللامتناهيين مع الأفواه الجائعة، الذّرة - وهي حافلة بقضايا التلوث النووي إلا أنها الأرخص والأخطر، وأخيراً الشمس وهي مصدر الطاقة الأولي والأساسي للكرة الأرضية ولكل أشكال الحياة والطاقة فيها.
وها هي إسرائيل تواكب العالم في البحث عن الطاقة البديلة وتصب جل اهتمامها في تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية ابتدءا بسخانات المياه الشمسية في سنوات السبعين وختاما بالألواح الشمسية التي تحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية يمكن استخدامها مباشرة أو تخزينها وتسويقها بشكل من الأشكال.
منذ سنتين مضت، 2006، شاركت بجولة بيئية إلى أحدى قرى النقب للوقوف على انجازات ونجاح مشروع توفير الكهرباء ل-20 من بيوتها بواسطة الطاقة النقية - طاقة الشمس!
لطالما حلمت بقرية غير معترف بها تفرض وجودها ألقسري على الدولة معتمدة على الإبداع بالآليات البيئية الخضراء!
لكن سريعا ما زال الوهم واستيقظت إلى تساؤلات وعلامات استفهام
س: كم تكلفة المشروع؟
ج: مليون شاقل
س: ومن أين الميزانية لمشروع من هذا النوع؟
ج: سلطة تطوير النقب والجليل ووزارة البنى التحتية
س: لكن كيف تستثمر سلطات حكومية الأموال بمكان "غير قانوني"، قرية غير معترف بها ؟!!
ج: لقد تم الاعتراف بالقرية في العام 2004....
ويستهل رئيس اللجنة حديثه ليشرح علاقاته مع السلطة وكيف عادت هذه بالفائدة على البلد وأهل البلد ويتحمس المشاركون (أغلبية يهودية ساحقة) لحديثه ولمديحه لكل من نتانيهو وغيره مِن مَن مد يد العون للاعتراف بالقرية.
س: لكن الم يكن من الأجدر أن تستثمر هذه الأموال في شق شارع للقرية أو ربطها بشبكة المياه أو.... أو.... أو
في هذه المرحلة لم انتظر الجواب بعد ولا اذكر ما كان جواب رئيس اللجنة وغصت في غضبي حول المؤامرة لضخ الأموال مباشرة من المكاتب الحكومية إلى جيوب شركة ألواح الكهرباء تحت غطاء "الاستثمار في القرى العربية في النقب" طبعا لم يصل لهذه القرية من الشواقل غير ألواح الكهرباء.
ويتابع رئيس اللجنة ويقول: "بعد سنوات طويلة من الارتباط بمولدات الطاقة الصاخبة المكلفة والملوثة للهواء يوجد لدينا عشرون بيت تتدفق فيه الكهرباء يومياً بالإضافة إلى المسجد الأول في الشرق الأوسط الذي يعمل بالطاقة الشمسية وأحيانا يوجد لدينا فائض من الكهرباء نقوم ببيعه لشركة الكهرباء......" (ليش مش للجيران على سبيل المثال؟! 60 بيت في القرية ما زالوا يعتمدون الجنيراتورات!)
وأبقى وحدي مع هذه التساؤلات ولاستيعاب منطقي للواقع أعتمد نظرية السلطة والمال والروابط المتينة بينهما.
من أسبوع مضى عملت على أعداد محاضرة في موضوع "استنزاف الاقتصاد المحلي وإبعاده البيئية والاجتماعية" وأردت قرية "درجات" كمثال على عملية استثمار غير مرتدة لا تعود بالفائدة على الصالح العام إنما على رؤوس الأموال، وها أنا أجد انه في أيار 2007 فازت قرية درجات بجوائز عالمية وتميزت في أنتاجها "للطاقة الخضراء"، في شباط 2008 توقفت الحكومة عن تمويل المشروع لشحه الميزانيات. بحث إضافي في الشبكة يأخذني إلى، حزيران 2008، مجلة اقتصادية تعلن بإطراء عن افتتاح مركز تقني حديث في النقب لتطوير الطاقة الشمسية وتعود ملكية هذا المركز لشركة Bright Source Energy في كاليفورنيا.
وتعود التساؤلات وعلامات الاستفهام:
س: كم من العمال والمهندسين محليين من سكان النقب؟
س: كم من المال أستثمر لكي تفتتح هذه الشركة مركزها في النقب؟
س: كم من الإرباح ستجني هذه الشركة؟
س: ما هي حصة النقب وأهل النقب من هذه الأرباح؟
س: ما هو دور "درجات" في التمهيد/التسويق/الترويج لهذه الصفقة؟
س: هل تستثمر شمس النقب لتطويره وتزويده بالطاقة النقية أم أنها تستنزف إلى كاليفورنيا؟!!!!
© حقوق النشر محفوظة
نسرين مزاوي – ناشطة اجتماعية حاصلة على اللقب الثاني في أدارة موارد بيئية وطبيعية.