نشرت في "صوت النسوة" - تجدونها
هنا
لما أول مرة قلتيلي “واو بتحكي مباشر” إنبسطت، حسيت إنك بتقوليلي إني جريئة، وإني قوية وإني بحكي بدون لف ودوران وإني واضحة، وانه اللي بقلبي على لساني.
لما تاني مرة قلتيلي “واو شو مباشر”، حسيت مثل اللي حدا لخمني ستميت كف، وإندار عليّ سطل ماي مسقّعة. من زمان كان هذا الحكي، إكيد انت نسيتي، بس أنا بعده الكف معلّم علي، و أواعيي (ثيابي) بعدهن ميّ. كثير فكرت كيف بدي إشرحلك، إيش هذا الكف اللي اكلته، بس القصة شوي طويلة ومشربكة، مثلي انا مش مبين أولي من أخري.
القصة هي قصتي مع اللغة، في المكان اللي فيه اللغة هي أكثر من مجرد جمل وكلمات وبدايتها كثير قديمة. في المدرسة كنت أضعف إيشي باللغات، كل ما عليت صف نزلت العلامات. بشهادة انهاء الثانوية، عندي ثلاث ستينات الانجليزي، العربي والعبري، 60، 60، 60.
في مقابلة الدخول للجامعة (بالعبري) فهمت كل الأسئلة وأجبت عليها كلها بإجابات جدا مختصرة “نعم” أو “لا”.في لحظة معينة اجتمعت مصالح رئيس الكلية بمصالحي وقرر يقبلني للتعليم. في علم الأحياء ما في حاجة تناقشي الأستاذ المهم تفهمي عليه، واللي ما بتفهمي بالصف بتفهمي بعدين من الصاحبات، وعادة كمان هني بكونو مش فاهمات وبشكل او بأخر بتطبشي راسك معهن أو بدونهن وبتنجحي بالإمتحانات. سنة كاملة قعدت على مقاعد الجامعة بدون ما افتح تمي.
1994-1995 كانت سنة حامية من الناحية سياسية، فيها إستفزاز كثير، وعنصرية. وبهداك الوقت كنا حاسينها كثير بس نسبة لليوم منقدر نقول انها كانت عنصرية “لايت”. أكثر ايشي بقهر لما حدا بحكيلك ايشي مستفز وما بتلحقي تردي عليه، وعبين ما ترتبي الجملة براسك وتحوليها من العربي للعبري، بكون الموضوع صار متغير والحديث منتقل إلى مكان ثاني، وبتبقي انت مقهورة مرتين، أول مرة على اللي قلولك اياه وثاني مرة على اللي كان بدك تقولي وما طلع منك. طيب والحل؟!!! جدا سهل وبسيط، ما تفكري بالعربي فكري بالعبري. ليش معلمات اللغات ما حكولي عن هاي الحيلة من زمان؟
بنساش اليوم اللي فيه حكيت لحالي “نسرين من اليوم عقلك لازم يشتغل بالعبراني، لازم تفكري بالعبراني”. كنت صغيرة وكل هدفي كان انجح بالجامعة، وحتى انجح بالجامعة كان بقدر اضل قاعدة ساكتة اربع سنين بس افهم على المحاضر شو بشرح، بس حتى ارد على كل الناس اللي بعصبنوني، وما اترك الجامعة من الطفر والقهر، كان لازم احكي عبري بسرعة وبسلاسة وبطلاقة. وهيك كانت هاي اول خطوة بسلّم فيها للاحتلال. حتى ارد عليه كان لازم افهمه، افهم كيف بفكر وكيف بحكي، وحتى افهمه كان لازم عقلي يجي على عقله.
تاني سنة 1995-1996 فتحت تمي ورديت على كل الناس، ومن يوميتها بطل حدا يسترجي يحكي معاي، صار جوابي تحت باطي ويا ويلوه اللي بعلق معاي، وهيك بديت اشتغل بالسياسة. تربية علديمقراطية وحل النزاعات، وبعد الانتفاضة الثانية خليت التربية على جنب وبقيت مع الديمقراطية ومع النزاعات.
لما بتقوليلي “واو قديش بتحكي مباشر”، بتذكريني بطالباتي العربيات سنة أولى علوم اجتماعية بجامعة حيفا. كثير بشبهوني هذول الطالبات، الفار ماكل لسانهن، بفتحوش تمهم غير تيقولو نعم او لا. بشي محل بدي اكشفلهن السر بدي اقلهن ابدو فكرو بالعبري، وبمحل تاني بديش اياهن يفكرو بالعبري، بديش العبري ييجي محل العربي، بديش اياهن يسلّمو للغة ولا يسلّمو عقولهن لانه مش بسهولة راح يقدرو يستردوهن. واحد من المقالات اللي بدرسها لطالباتي هو للباحثة تمار كتريئيل، واللي بتحلل فيه أنماط الحديث الثقافية ودورها في حل الصراعات، أو في زيادة تأزمها ما بين اليهود والعرب. حسب كتريئيل ان اليهود الاسرائيليين بتبعوا نمط حديث مختلف عن نمط الحديث عند العرب. اليهود الاسرائيليين اللي اجو على البلاد من أوروبا، طوروا نمط حديث مغايير لنمط الحديث المقهور والمهزوم اللي تعودوا عليه واتبعوه في أوروبا.
اليهودي المطفوس باوروبا اللاسامية، بفلسطين بدو يسترد رجولته وقوته، وبدو يبني حاله من جديد بدو يرفع راسه المدعوس عليه على مدار سنين، ويكون قد حاله ويعبر عن حاله بدون خوف او تردد، اليهودي اللي تعود يساير الاوروبي عن خوف وعن وقهر ما بدوه بعد يساير حدا، بدوه يحكي “دُغري”، بدوه يحكي اللي بدوه اياه بدون خوف او تردد، بدون حساب. هاي بالنسبة اله هي اللي بتعبر عن احترامه لمن يتحدث اليه، وعن المساواة والطلاقة والانفتاح الحر والمطلق بين المتحدثين. اما بالنسبة للعرب فكتريئيل بتشوف ان نمط الحديث اللي بيميزهم يعتمد أكثر على “المسايرة”، الكبير بساير الصغير، الأب بساير ابنه، الابن بساير ابوه، الجار بساير جاره ،الرجل بساير مرته، والمرأة بتساير زوجها وكله من منطلق المحافظة على مشاعر الأخر، وانه حتى لو في عندك اشياء صعبة تقولها بتحاول تقولها بطريقة اللي ما تدايق الأخر، وبهدا الشكل انت بتعبر عن احترامك اله، وبتمرر له الرسالة بدون ما تصدمه او تدايقه، وبدون ما تجرح مشاعره وما بتقوله الأشياء خبط لزق، بشكل مباشر و زي ما هي، انما شوي شوي، للمنيح وللعاطل وهيك بتحافظ على الانسجام العام وعلى الروح الطيبة في المجتمع. [وهيك نمط الحديث بحد ذاته، مش الكلمات، بحسب كتريئيل، هي سبب لسوء فهم ولخلافات].
لما بتعيشي نص نهارك بالعبراني ونصه بالعربي بتفوت كثير كلمات دخيلة على اللغة، واذا بدك تنجحي او تتقدمي في إطار معين، لازم تتقني لغته والقواعد تبعته. لما بحكي معك بنتبه انه ما استعمل كلمات دخيلة هي بس ال “بسيدر” اللي بتطلع مني بعفوية مطلقة، وكل مرة بتنفد من تمي هالكلمة بعض لساني وبتمنى انه ينقطع قبل ما تطلع منه كمان مرة. لما قولتيلي اني بحكي مباشر، بدون ما تعرفي ضربتيني ستميت كف وصداهن بعده برن بداني لليوم. لما قولتيلي اني بحكي مباشر ذكرتيني انه اللغة مش بس جمل وكلمات، انما إداء اللي بعبر عن ثقافة وهوية وانتماء، لما قلتيلي اني بحكي مباشر بدون ما تعرفي درتي علي سطل ماي مسقعة، ورجعتيني ميت خطوة لورا وبعدني بستنى اوعيي (ثيابي) تينشفو ومش ناشفات. لما بحكي معك بخاف يطلع مني المحتل ”تبعك”… و”تبعي”… ”تبعنا”. لما بحكي معك بتكون شغالة براسي المعادلة 48+67=1. معادلات جذرية وعشرية وتفاضلية بتعيد تنسيق العلاقات “بيننا”وكل اللي بنفسي انه لما أحكي معك المعادلة الوحيدة بينا تكون 1+1=1″.
لما أول مرة قلتيلي “واو بتحكي مباشر” إنبسطت، حسيت إنك بتقوليلي إني جريئة، وإني قوية وإني بحكي بدون لف ودوران وإني واضحة، وانه اللي بقلبي على لساني.
لما تاني مرة قلتيلي “واو شو مباشر”، حسيت مثل اللي حدا لخمني ستميت كف، وإندار عليّ سطل ماي مسقّعة. من زمان كان هذا الحكي، إكيد انت نسيتي، بس أنا بعده الكف معلّم علي، و أواعيي (ثيابي) بعدهن ميّ. كثير فكرت كيف بدي إشرحلك، إيش هذا الكف اللي اكلته، بس القصة شوي طويلة ومشربكة، مثلي انا مش مبين أولي من أخري.
القصة هي قصتي مع اللغة، في المكان اللي فيه اللغة هي أكثر من مجرد جمل وكلمات وبدايتها كثير قديمة. في المدرسة كنت أضعف إيشي باللغات، كل ما عليت صف نزلت العلامات. بشهادة انهاء الثانوية، عندي ثلاث ستينات الانجليزي، العربي والعبري، 60، 60، 60.
في مقابلة الدخول للجامعة (بالعبري) فهمت كل الأسئلة وأجبت عليها كلها بإجابات جدا مختصرة “نعم” أو “لا”.في لحظة معينة اجتمعت مصالح رئيس الكلية بمصالحي وقرر يقبلني للتعليم. في علم الأحياء ما في حاجة تناقشي الأستاذ المهم تفهمي عليه، واللي ما بتفهمي بالصف بتفهمي بعدين من الصاحبات، وعادة كمان هني بكونو مش فاهمات وبشكل او بأخر بتطبشي راسك معهن أو بدونهن وبتنجحي بالإمتحانات. سنة كاملة قعدت على مقاعد الجامعة بدون ما افتح تمي.
1994-1995 كانت سنة حامية من الناحية سياسية، فيها إستفزاز كثير، وعنصرية. وبهداك الوقت كنا حاسينها كثير بس نسبة لليوم منقدر نقول انها كانت عنصرية “لايت”. أكثر ايشي بقهر لما حدا بحكيلك ايشي مستفز وما بتلحقي تردي عليه، وعبين ما ترتبي الجملة براسك وتحوليها من العربي للعبري، بكون الموضوع صار متغير والحديث منتقل إلى مكان ثاني، وبتبقي انت مقهورة مرتين، أول مرة على اللي قلولك اياه وثاني مرة على اللي كان بدك تقولي وما طلع منك. طيب والحل؟!!! جدا سهل وبسيط، ما تفكري بالعربي فكري بالعبري. ليش معلمات اللغات ما حكولي عن هاي الحيلة من زمان؟
بنساش اليوم اللي فيه حكيت لحالي “نسرين من اليوم عقلك لازم يشتغل بالعبراني، لازم تفكري بالعبراني”. كنت صغيرة وكل هدفي كان انجح بالجامعة، وحتى انجح بالجامعة كان بقدر اضل قاعدة ساكتة اربع سنين بس افهم على المحاضر شو بشرح، بس حتى ارد على كل الناس اللي بعصبنوني، وما اترك الجامعة من الطفر والقهر، كان لازم احكي عبري بسرعة وبسلاسة وبطلاقة. وهيك كانت هاي اول خطوة بسلّم فيها للاحتلال. حتى ارد عليه كان لازم افهمه، افهم كيف بفكر وكيف بحكي، وحتى افهمه كان لازم عقلي يجي على عقله.
تاني سنة 1995-1996 فتحت تمي ورديت على كل الناس، ومن يوميتها بطل حدا يسترجي يحكي معاي، صار جوابي تحت باطي ويا ويلوه اللي بعلق معاي، وهيك بديت اشتغل بالسياسة. تربية علديمقراطية وحل النزاعات، وبعد الانتفاضة الثانية خليت التربية على جنب وبقيت مع الديمقراطية ومع النزاعات.
لما بتقوليلي “واو قديش بتحكي مباشر”، بتذكريني بطالباتي العربيات سنة أولى علوم اجتماعية بجامعة حيفا. كثير بشبهوني هذول الطالبات، الفار ماكل لسانهن، بفتحوش تمهم غير تيقولو نعم او لا. بشي محل بدي اكشفلهن السر بدي اقلهن ابدو فكرو بالعبري، وبمحل تاني بديش اياهن يفكرو بالعبري، بديش العبري ييجي محل العربي، بديش اياهن يسلّمو للغة ولا يسلّمو عقولهن لانه مش بسهولة راح يقدرو يستردوهن. واحد من المقالات اللي بدرسها لطالباتي هو للباحثة تمار كتريئيل، واللي بتحلل فيه أنماط الحديث الثقافية ودورها في حل الصراعات، أو في زيادة تأزمها ما بين اليهود والعرب. حسب كتريئيل ان اليهود الاسرائيليين بتبعوا نمط حديث مختلف عن نمط الحديث عند العرب. اليهود الاسرائيليين اللي اجو على البلاد من أوروبا، طوروا نمط حديث مغايير لنمط الحديث المقهور والمهزوم اللي تعودوا عليه واتبعوه في أوروبا.
اليهودي المطفوس باوروبا اللاسامية، بفلسطين بدو يسترد رجولته وقوته، وبدو يبني حاله من جديد بدو يرفع راسه المدعوس عليه على مدار سنين، ويكون قد حاله ويعبر عن حاله بدون خوف او تردد، اليهودي اللي تعود يساير الاوروبي عن خوف وعن وقهر ما بدوه بعد يساير حدا، بدوه يحكي “دُغري”، بدوه يحكي اللي بدوه اياه بدون خوف او تردد، بدون حساب. هاي بالنسبة اله هي اللي بتعبر عن احترامه لمن يتحدث اليه، وعن المساواة والطلاقة والانفتاح الحر والمطلق بين المتحدثين. اما بالنسبة للعرب فكتريئيل بتشوف ان نمط الحديث اللي بيميزهم يعتمد أكثر على “المسايرة”، الكبير بساير الصغير، الأب بساير ابنه، الابن بساير ابوه، الجار بساير جاره ،الرجل بساير مرته، والمرأة بتساير زوجها وكله من منطلق المحافظة على مشاعر الأخر، وانه حتى لو في عندك اشياء صعبة تقولها بتحاول تقولها بطريقة اللي ما تدايق الأخر، وبهدا الشكل انت بتعبر عن احترامك اله، وبتمرر له الرسالة بدون ما تصدمه او تدايقه، وبدون ما تجرح مشاعره وما بتقوله الأشياء خبط لزق، بشكل مباشر و زي ما هي، انما شوي شوي، للمنيح وللعاطل وهيك بتحافظ على الانسجام العام وعلى الروح الطيبة في المجتمع. [وهيك نمط الحديث بحد ذاته، مش الكلمات، بحسب كتريئيل، هي سبب لسوء فهم ولخلافات].
لما بتعيشي نص نهارك بالعبراني ونصه بالعربي بتفوت كثير كلمات دخيلة على اللغة، واذا بدك تنجحي او تتقدمي في إطار معين، لازم تتقني لغته والقواعد تبعته. لما بحكي معك بنتبه انه ما استعمل كلمات دخيلة هي بس ال “بسيدر” اللي بتطلع مني بعفوية مطلقة، وكل مرة بتنفد من تمي هالكلمة بعض لساني وبتمنى انه ينقطع قبل ما تطلع منه كمان مرة. لما قولتيلي اني بحكي مباشر، بدون ما تعرفي ضربتيني ستميت كف وصداهن بعده برن بداني لليوم. لما قولتيلي اني بحكي مباشر ذكرتيني انه اللغة مش بس جمل وكلمات، انما إداء اللي بعبر عن ثقافة وهوية وانتماء، لما قلتيلي اني بحكي مباشر بدون ما تعرفي درتي علي سطل ماي مسقعة، ورجعتيني ميت خطوة لورا وبعدني بستنى اوعيي (ثيابي) تينشفو ومش ناشفات. لما بحكي معك بخاف يطلع مني المحتل ”تبعك”… و”تبعي”… ”تبعنا”. لما بحكي معك بتكون شغالة براسي المعادلة 48+67=1. معادلات جذرية وعشرية وتفاضلية بتعيد تنسيق العلاقات “بيننا”وكل اللي بنفسي انه لما أحكي معك المعادلة الوحيدة بينا تكون 1+1=1″.