نُشرت في مجلة فُسحة الألكترونية تجدونها هنا.
* تعتمد هذه المقالة على مداخلة قُدِّمت لـ «جمعيّة الثقافة العربيّة» في إطار لقاء تفاكر بعنوان «تصوّر مستقبليّ للسياسات الثقافيّة للفلسطينيّين في الداخل»، بهدف وضع رؤية تقود العمل الثقافيّ وتحدّد أولويّاته وسياساته، ضمن «مهرجان المدينة للثقافة والفنون»، حيفا (17-23 كانون الأوّل 2020)، وهي مشتقّة جزئيًّا من مقالة نُشرت في تاريخ 13 كانون الأوّل (ديسمبر) 2020، في مجلّة «جدليّة» بعنوان: المستقبل الفلسطينيّ - مقاربة لاسلطويّة للوضع الفلسطينيّ وإعادة بناء المجتمع؛ من خلال تنظيم المجتمعات المحلّيّة.
الحالة الفلسطينيّة اليوم، تسودها أجواء من التشتّت وضبابيّة المستقبل الفلسطينيّ؛ ففي أجواء تشييع مشروع دولة فلسطينيّة في الضفّة وغزّة، على أساس «اتّفاقيّة أوسلو»، تعود للحياة أسئلة جوهريّة حول فلسطين الجغرافيّة، وفلسطين المجتمع، وحول المشروع الجماعيّ الوطنيّ العامّ، وعلى هذا أن يشمل - إضافة إلى فلسطينيّي الضفّة وغزّة والقدس - فلسطينيّي أراضي 48، والمخيّمات، والشتات أيضًا.
وبما أنّ مشروع الدولة بشكل أو بآخر بات مستعصيًا، حتّى وإن نجح فإنّه لن يكون تحرّريًّا؛ فعلى المشروع الفلسطينيّ الوطنيّ أن يتمحور حول بناء مجتمع فلسطينيّ، بعيدًا عن أيّ علاقة بمشروع الدولة القوميّة. وليس هذا الطرح نفيًا لمشروع الدولة أيًّا كان، إلّا أنّه لا يعوّل عليه؛ فالنظام العالميّ الحاليّ، الّذي يقوم على ثالوث الرأسماليّة والدولة القوميّة وديمقراطيّة الأغلبيّة، يفرغ الدول القوميّة من جوهرها ويحوّلها إلى ماكينة عنف وبيروقراطيّة تعمل أساسًا على قمع مواطنيها، و«اتّفاقيّة أوسلو» كانت قد صمّمت المشروع الفلسطينيّ على هيئة سلطة لدولة بناء على هذا النموذج. من خلال هذه الاتّفاقيّة، أُدْخِل الفلسطينيّون و«منظّمة التحرير الفلسطينيّة» إلى النظام العالميّ من أوسع أبوابه، وفي حين سُلِبَت من الفلسطينيّين ديمقراطيّة الأغلبيّة ومُنِعَت عنهم الدولة القوميّة، بقيت السلطة الفلسطينيّة المنبثقة عن هذا الاتّفاق لتمارس عنفها وبيروقراطيّتها، كما لو كانت دولة كباقي الدول، تؤدّي دورها في خدمة رأس المال العالميّ، ومنظومة الاقتصاد العالميّ المبنيّة على الأسس والمبادئ لـ «إجماع واشنطن».
إنّ الإنجاز السياسيّ الحقيقيّ والأهمّ للفلسطينيّين، منذ تأسيس «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» (1964) إلى اليوم، هو إعادة إحياء الهويّة الفلسطينيّة. لكن في ظلّ الظروف المحلّيّة والعالميّة الراهنة، نبقى مع السؤال: الفلسطينيّون، إلى أين؟ وما السبل الّتي سنسلكها الآن نحو التحرّر؟ وما التحرّر الّذي نصبو إليه؟ وللخوض في هذا المضمار، علينا أوّلًا التحرّر من فكرة الحرّيّة الفردانيّة المعتمدة على الاستهلاك، الّتي زوّدت لنا من خلال النظام الرأسماليّ ذاته، وعلينا إعادة بناء مفهوم الحرّيّة من جديد، حرّيّة تمكّننا من تحقيق الذات بعيدًا عن التسليع وثقافة الاستهلاك. ثمّ علينا مواجهة الواقع؛ إذ إنّ الأفراد غير قائمين في حدّ ذاتهم، فالبشر مخلوقات اجتماعيّة لا يمكنهم العيش بشكل مستقلّ عن الآخرين، ونموذج الحرّيّة الفردانيّة غير واقعيّ، وهو مجرّد حالة اغتراب عن المحيط البشريّ والاجتماعيّ والمادّيّ المحيط بنا. وفي الواقع نحن لسنا أحرارًا، ولا يمكننا أن نكون؛ فحيواتنا جميعًا متعلّقة بالخبّاز وبالميكانيكيّ وبالطبيب وبالمهندس وبالمزارع وبعامل النظافة، وكلّ ما نقوم به يوهِم أنّ هذه هي الحرّيّة، وأنّ هذا هو التحرّر، ما هو إلّا تحايل على مدى الاغتراب عن أعضاء المجموعة الّتي نعيش فيها، وتلاعب بمدى التكاثف، والتضامن الاجتماعيّ، والتكافل الاقتصاديّ الّذي يجمع - أو قد يجمع - بيننا. هذا الاغتراب غير الطبيعيّ والمفتعل، لا يمكن تحقيقه بلا وجود دولة تنوب عن الأفراد، بتنظيم علاقاتهم الاجتماعيّة وإدارتها، وتحوّلهم خلال ذلك إلى عمّال وموظّفين وإداريّين ومستهلكين، وتقمعهم في سبيل تطوير السوق ورأس المال. من هنا، فإنّ الحرّيّة الفرديّة هي حرّيّة متخيّلة وغير حقيقيّة، وفي الواقع كلّنا منضبطون بشكل أو بآخر من خلال نظام اقتصاديّ اجتماعيّ، يجمعنا مع أفراد آخرين بنظام حياة مشترك، والسؤال: مَنْ يصوغ هذا النظام؟ ومَنْ يضبطه ويحدّد قواعده؟
وبصراحة، ليس ثمّة أيّ طريق للخروج من الرأسماليّة، فتأمّل سيرورة عمل النظام الرأسماليّ، والتعمّق في قواعد عمله، يوضّحان للأسف أنّ أيّ محاولة لفعل ذلك ستكون محفوفة بالمخاطر العديدة، الّتي قد تؤول بلمح البصر إلى كوارث وأزمات إنسانيّة، ويكفينا أن ننظر إلى ما يحدث اليوم للمجتمعات الّتي تَعَطَّل نظامها الاقتصاديّ جزئيًّا بسبب جائحة كورونا (Covid-19). فحتّى لو رفضنا النظام القائم رفضًا قاطعًا إلّا أنّ التغيير لا يمكن أن يتمّ إلّا بخطوات صغيرة، وبشكل تدريجيّ بطيء وطويل الأمد، وهذا يكون أوّلًا من خلال تنظيم المجتمعات المحلّيّة، وتوطيد العلاقات في ما بينها؛ فهي خطّ المواجهة الأوّل في هذا المسار، ومن خلالها تُقَوَّض فعليًّا وبشكل مباشر عمليّات الاغتراب القسريّة المفروضة على المجتمع، دون أن ننتظر أيّ معاهدة سلام، أو أيّ قرار سياسيّ لأيّ سلطة أو حزب أو فصيل.
من هنا، ومن خلال الواقع اللاسلطويّ (الأناركيّ) الّذي فُرِضَ على المجتمع الفلسطينيّ، فإنّ المستقبل الفلسطينيّ يكمن في إعادة بناء هذا المجتمع، من خلال تنظيم لاسلطويّ للمجتمعات المحلّيّة، وبناء العلاقات بين كلّ أجزاء المجتمع الفلسطينيّ، اعتمادًا على التضامن الاجتماعيّ والتكافل الاقتصاديّ والديمقراطيّة المباشرة، وعلى بناء علاقات فرديّة وجماعيّة مباشرة بين الفلسطينيّين، من كلّ المجموعات في جميع أماكن وجودهم، وعلى هذا أن يشمل فلسطينيّي الضفّة وغزّة والقدس، وفلسطينيّي أراضي 48 والمخيّمات والشتات أيضًا، وللمؤسّسات الثقافيّة دور مهمّ في هذه العمليّة.
ولا أدعو هنا إلى تبنّي اللاسلطويّة كأيديولوجيا، لكن كعدسة ننظر من خلالها إلى ما يفرضه علينا الحال الفلسطينيّ، آخذين بعين الاعتبار أيضًا أنّ بعض المنظّرين اللاسلطويّين، وهو التيّار الثالث بين الرأسماليّة والاشتراكيّة، يدّعون أنّ مستقبل العالم هو مستقبل بلا دول، والواقع أنّ العالم لا يقف على أبواب هذا المستقبل، بل إنّه بات يخطو خطواته الأولى فيه.
وليست هذه دعوة حصريّة إلى تنظيم المجتمعات المحلّيّة الفلسطينيّة، وبناء جسر التواصل فيما بينها، لكنّها أيضًا دعوة إلى التمعّن في هذه العمليّات، وفي الإمكانيّات الكامنة فيها، وفي العمل من خلالها كخيارٍ وهدفٍ إستراتيجيّ سياسيّ فلسطينيّ جامع. ويجب ألّا يقتصر هذا على عمل البعض من خلال الأحزاب السياسيّة، أو المؤسّسات غير الحكوميّة، بل أن يشمل جميع الفلسطينيّين في كلّ أماكن وجودهم، انطلاقًا من أنّ الإنسان كإنسان لا يمكنه أن يعيش إلّا من خلال مجتمعات محلّيّة، وعلينا أن نرى بهذه المجتمعات المبنيّة على التكافل والتضامن والتواصل فيما بينها، هدفًا في حدّ ذاتها، نسعى إلى الوصول إليه وتحقيقه، فهي المجتمع ذاته، ومن خلالها يكون بناؤه والحفاظ عليه.
ثانيًا، لا بدّ لنا من الإقرار بأنّ المشروع الفلسطينيّ أكبر من مشروع دولة، وبعيدًا عن سؤال الدولة، ما يجمعنا نحن الفلسطينيّين هو اللغة والثقافة والتاريخ، وانتماؤنا إلى بعضنا بعضًا وإلى المنطقة.
من هنا، فعلى كلّ مجموعة تحديد نهج وأهداف عينيّة تجمعها، ومن المهمّ أيضًا بناء التواصل الحيّ والفعّال بين هذه المجموعات، على أن يكون ثمّة مناسبات وطقوس ورموز ونشاطات لها وقع ومعنى، تُبْقي ذكريات جماعيّة راسخة في قلوب المشاركين فيها ونفوسهم. ومن الضروريّ لهذه المجموعات أن تنظّم ذاتها بشكل تطوّعيّ، وأن يكون مبدأ التطوّع المبدأ الغالب فيها؛ فهو ينمّي روح الانتماء والالتزام الأخلاقيّ للمجموعة ولأعضائها. وقد تكون هذه المجموعات مجموعات فنّيّة، ثقافيّة، نقابات مهنيّة، اتّحادات، نوادي، لجان طلاب، لجان احياء... لكنّها أيضًا عائلات، وعشائر وطوائف، وقد يبدو للبعض أنّ التنظيم بشكل عائلات وعشائر وطوائف قد يكون «رجعيًّا» و«محافظًا»، إلّا أنّ علينا تذكّر أنّ مفهوم الحرّيّة الفرديّة مفهوم مجرّد، غير حقيقيّ، وأنّ العائلات والعشائر والطوائف هي الحلقات الاجتماعيّة الأوّليّة في المجتمع، ودورها في تحرّر أفرادها أو قمعهم مشابه لدور المجموعات الأخرى في قمع أفرادها أو تحرّرهم، وكأيّ مجموعة أخرى قد تكون هذه «رجعيّة» أو «محافظة» أو «قامعة»، كما قد تكون «تحرّريّة» و«داعمة» و«متقبّلة» و«متسامحة»، ويعتمد هذا على خيار المجموعة، ومدى تسامحها وتقبّلها للأفراد المختلفين فيها.
ولا أطمح من خلال هذا الطرح إلى طرح سياسيّ بالمعنى العاديّ والمألوف للسياسيّ، وعادة ما يكون لهذا منظور جماعيّ وشامل منذ بدايته، بل إلى إعادة السياسيّ إلى الناس، إلى توجّه سياسيّ مختلف يبدأ من الأفراد ومن المجتمعات المحلّيّة، وينمو منها إلى أنساق اجتماعيّة ومؤسّسات ثقافيّة تحرّريّة. قد يقول البعض إنّ الدولة مهمّة ولا يمكن بدونها، وقد يكون هذا صحيحًا، لكن حاليًّا لا توجد دولة. وفي حال وُجِدَت دولة، لا يمكن الجزم بأنّها ستتوافق مع كلّ ما يريد المجتمع. قد تعمل الدولة على إخضاع المجتمع للسوق أو لسياسات خارجيّة غريبة عنها، وهذا ما يحدث في معظم الدول حاليًّا، لكن بوجود مجتمعات محلّيّة منظّمة وقويّة، فقد نتمكّن من الوصول إلى توازن معيّن. هذا كلّه طبعًا منوط بأن نضع جانبًا فكرة الحرّيّة الليبراليّة الفرديّة ونموذج التحرّر وتحقيق الذات من خلال الاستهلاك الفرديّ والمادّيّ، المنوط بالنفور من البيئة ومن المجتمع، وأن نعيد النظر في مفاهيم الحرّيّة والتحرّر، وأن نعود إلى البديهيّات، حول مفاهيم الفرح والسعادة والحياة والقيمة والمغزى وسبل تحقيقها.
التوصيات العينيّة للمؤسّسات الثقافيّة
1) أن يكون العمل مع الفلسطينيّين، في جميع أماكن وجودهم، هدفًا إستراتيجيًّا تسعى إليه المؤسّسات الثقافيّة بشكل عينيّ وممنهج.
2) أن يكون العمل الثقافيّ في أراضي 48 نموذجًا رائدًا في عمليّة بناء المجتمعات الفلسطينيّة المحلّيّة، وفي مسار تطوير جسر وقنوات للتواصل وتوطيد العلاقات بمجموعات فلسطينيّة أخرى.
3) أن تعمل هذه المؤسّسات على تطوير مناسبات وطقوس ورموز ونشاطات سنويّة دوريّة، لها وقع ومعنًى، وتُبْقي ذكريات جماعيّة إيجابيّة راسخة في قلوب المشاركين فيها ونفوسهم.
4) أن تُبْنى هذه البرامج على مبادئ التضامن الاجتماعيّ، والتكافل الاقتصاديّ، والتواصل المباشر، والدعم المتبادل، وحفاوة اللقاء الفرديّ والجماعيّ بين هذه المجموعات وأفرادها، وأن تُعَزَّز هذه القِيَم بينهم، بعيدًا عن الشلليّة والحزبيّة والنعرات الجهويّة على أنواعها.
5) أن تُسْتَخْلَص الدروس المستفادة من تجربة التواصل في فترة الجائحة، وأن تُسْتَثْمَر الثقافة التكنولوجيّة الشعبيّة الّتي نتجت عنها في عمليّات بناء الجسور والتواصل، وألّا ينوب هذا عن اللقاء الوجاهيّ حيث يمكن ذلك، والأفضل أن نسعى إلى الدمج بين الوسائط التكنولوجيّة واللقاءات الوجاهيّة الّتي لها دور مهمّ، ولا غنى عنه في تنمية العلاقات الاجتماعيّة وبنائها.
6) التعاون مع القطاع الخاصّ في تنمية المجتمعات المحلّيّة، والعمل على إقامة صندوق يجمع التبرّعات ويستثمرها في هذه العمليّة، وفي دعم المشاريع الثقافيّة والفنّيّة المستقلّة، وتشجيع التواصل في ما بينها.
على هامش الحوار
الملاحظة الأولى: من الأمور الجيّدة الّتي كشفت عنها جائحة كورونا (Covid-19)، سهولة الاختراق الرقميّ لحدود الجغرافيا والوقت والمسافة والحواجز الفيزيائيّة والسياسيّة المفروضة علينا؛ ففي حين أنّنا محجورون في البيوت، إلّا أنّنا بِتْنا على تواصل أكبر وأوسع مع أشخاص، في أماكن لم نتخيّل قبل سنة من اليوم أنّنا سنتواصل معهم بهذا الكمّ، وبهذه النجاعة، وبهذه السهولة. لهذا الاختراق طبعًا حسناته وسيّئاته، ولن أتوسّع فيها هنا، لكن من المهمّ ألّا نغفل عن الزخم المعرفيّ والثقافيّ والاجتماعيّ، وعن مناليّة هذه المعرفة الّتي برزت بشكل ملحوظ خلال الجائحة، إضافة إلى إمكانيّات تواصل فعليّة، مع أفراد ومجموعات لم نشهدها على هذا الشكل وعلى هذه الوتيرة من قبل. حتمًا ليس لهذه أن تنوب أو أن تحلّ مكان اللقاءات الوجاهيّة حين تكون هذه ممكنة، لكن من المهمّ أن نرى الإمكانيّات الكامنة في التكنولوجيا الحديثة، ودورها في عمليّة إعادة بناء المجتمع الفلسطينيّ.
الملاحظة الثانية: وهي حول ضرورة التمييز بين «الرأسماليّة» و«القطاع الخاصّ». معارضة الرأسماليّة كنظام سياسيّ اقتصاديّ عالميّ بات محكومًا في العقود الثلاثة الأخيرة لـ «إجماع واشنطن» يجب ان لا تتحول الى شيطنة للقطاع الخاصّ، ولا لعمليّات التجارة وجني الأرباح الماليّة؛ إذ إنّ الفرق بينهما شاسع؛ فبينما توجد إشكاليّات جوهريّة أساسيّة في النظام الرأسماليّ الحاليّ، إلّا أنّ التجارة والسوق وجني الأرباح هي أمور إنسانيّة طبيعيّة وأساسيّة، يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام، في حين يقتصر تاريخ الرأسماليّة بشكلها الحديث على أقلّ من مئة عام، والرأسماليّة المتوحّشة على نحو خمسين عامًا فقط! وللقطاع الخاصّ دور كبير ومهمّ من حيث قدرته على دعم عمليّات بناء المجتمع وتطويرها. وعلى أرض الواقع، يظهر القطاع الخاصّ الفلسطينيّ تحديدًا بأشكال ومواقف وطنيّة، بعيدة ومنافية لما تفترضه نظريّات اجتماعيّة واقتصاديّة، على رأسها الماركسيّة! وهذا موضوع يحتاج إلى ندوة خاصّة لمناقشته، ولا يمكن التوسّع فيه هنا، لكن أودّ لو أُشير باختصار إلى مراجعة حالة "فتّوش" في حيفا نموذجًا.
نهايةً، وعلى هامش هذا اللقاء، أودّ لو أشير إلى موضوع كنت قد تطرّقت إليه في السابق في سياق مختلف، وهو ضرورة إقامة صندوق عربيّ محلّيّ، يعمل على استيفاء شروط سلطة الضرائب ومعاييرها، للحصول على تأشيرة الخصم الضريبيّ، حسب البند 46 من قانون ضريبة الدخل، ليجمع هذا الصندوق التبرّعات من القطاع الخاصّ، ويستثمرها في بناء المجتمعات المحلّيّة.
هذه نقطة كنت قد تطرّقت إليها منذ بضعة أشهر، في سياق مختلف، وعودة هذا الموضوع إلى طاولة النقاش والحوار من زاوية أخرى، تشير إلى أهمّيّة إقامة هذا الصندوق وضرورته، ودوره في عمليّة إعادة بناء المجتمع الفلسطينيّ.