جفاف أرتفاع أسعار وخصخصة مياه - تسلسل أحداث معروف مسبقاً

قصة قديمة تكتمل حثيثياتها أمام أعيننا ولم يبقى لنا غير ان نقص حكايتها وأن نتسأل هل ستصمد قياداتنا السياسية أم سترضخ أمام الاغراءات؟
حتى العشر سنوات الأخيرة زوِدت المياه لكافة السكان في البلاد عن طريق شركة مكوروت الحكومية وبواسطة مشروع المياه القطري. كم لا يستهان به من هذة المياه مسلوبة من المناطق الفلسطينية المحتلة ومن الجولان المحتل لكن لن أتطرق الى هذا الموضوع هنا، كما لن اتطرق الى أيديولجية مشروع المياه القطري بكونه مشروع صهيوني من أهم الأركان في الدولة.

المياه هي مورد بيئي قومي وملك عام لكافة السكان أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية أستخراجه وتوزيعه على السكان بشكل منظم ومن هنا سُنت في سنوات الستين قوانين تمنع أستعمال الأبار الخاصة وتمنع جمع مياه الأمطار وهكذا تجري كافة المياه التي تتبارك بها البلاد الى مجمعات المياه الجوفية أو غيرها من بحيرات ووديان وتكون الدولة الوصية الوحيدة على استخراج المياه وتوزيعها بشكل عادل يتجاوب مع احتياجات السكان والقطاعات المختلفة.

تتوزع المياه بين القطاعات المنزلي الصناعي والزراعي، حيث أن نسبة أستهلاك القطاع المنزلي تعادل 30%، والقطاع الزراعي 60% وقد أرتفعت هذة النسبة بشكل حاد وملحوظ عشية مفاوضات أوسلو، و10% حصة القطاع الصناعي.

حتى نهاية التسعينات لم يقم السكان بكونهم ملاكي المياه بدفع ثمنها، انما بدفع تكلفة أستخراجها وتزويدها للمنازل بواسطة شبكة المياه العامة التي تصل بين البلدات وشبكات مياه محلية في داخل المدن القرى والمستوطنات. اما الرسوم التي تدفع فهي تكلفة بناء وصيانة هذة البنى التحتية.

لكن ليس الأمر كذلك بالنسبة للقطاع الزراعي فبكونه من أعمدة الأقتصاد الأسرائيلي وبتمركز اللوبي الزراعي وتضاعف قوته في البرلمان فقد زودت وما زالت تزود المياه للقطاع الزراعي بثمن رمزي جداً وذلك للمحافظة على الزراعة المحلية وعلى الأستقلالية في الأنتاج والأعتماد على الذات. طبعاً الأمر تغير مع ثورة الهايتك حيث تحولت اسرائيل الى دولة رائدة في مجال التقنيات الألكترونة وبشكل موازي تتحول أسرائيل من مسارها القومي الأشتراكي الذي الهم قيادتها في تأسيس وبناء الدولة الى مسار رأس مالي. وهكذا لم تعد الزراعة من أعمدة الأقتصاد الا انها ما زالت المستهلك الأكبر للماء وما زال الأستهلاك الزراعي للماء يُعتمد كورقة مساومة في المفاوضات المنطقية لتقسيم المياه.

أذاً فان القطاع المنزلي لا يستهلك الكم الأكبر من المياه أنما حصة الأسد من المياه تستهلك من قبل القطاع الزراعي، وبينما يدفع القطاع المنزلي ثمن توفير المياه يحصل القطاع الزراعي عليها مجاناً. أضافة الى هذا لا يمكن التغاضي عن تدني نسبة المنتوج الزراعي من الأنتاج العام وقد نشهد ذلك ايضاً بسمسرة الأراضي الزراعية وتحويلها الى عقارات وبالرغم من هذا كله ما زالت نسبة الأستهلاك الزراعي للمياه مرتفعة بالرغم من الجفاف!!!

جفاف؟!!!!!
نعم نعم منسوب المياه وتوزيع الأمطار في حالة غير أعتيادية لكن هل يكمُن الحل في التقنين المنزلي للمياه؟

لا

اذاً لماذا كل هذا الحديث عن ترشيد الأستهلاك المنزلي للماء؟ لرفع الأسعار

لماذا ترفع الأسعار؟ هل أزدادت تكلفة صيانة شبكة المياه؟

لا، لكن للحد من الأستهلاك!

لكن الأستهلاك الفردي المنزلي للمياه هو أستهلاك ثابت (קשיח) بمعنى أن كمية المياه التي يحتاجها الفرد للأجابة على حاجاته الأساسية لا تتغير مع أرتفاع او أنخفاض الأسعار. أرتفاع الأسعار قد يحد من أستهلاك الماء المنزلي للحدائق أو لحمامات السباحة المنزلية وأن كان هذا هو الهدف فيمكن رفع أسعار الأستهلاك التي تتعدى كمية معينة مخصصة بحسب عدد الافراد بالمنزل وحيث أن أصحاب الحدائق المنزلية وحمامات السباحة هم عادة من ميسوري الحال فأن ارتفاع الأسعار لا يشكل رادع لأستهلاك الرفاه ولن يحد من أستهلاك المياه.

بالأضافة الى تدريج كميات الأستهلاك وتحديد كمية الأستهلاك للفرد سوف ترتفع أسعار المياه عامة ابتدءاً من كانون الثاني 2010 بنسبة 40% وما زلنا في بداية المشوار فعملية الخصخصة في أوجها حيث أبتدأت في نهاية التسعينات في القدس وهرتسليا وفتحت لها الأبواب على مصراعيها في سنة 2001 حيث سنت الكنيست قانون شركات المياه والصرف (תאגידי מים וביוב)، وبحسب هذا القانون تقوم البلديات والمجالس المحلية والأقليمية بنقل أدارة شؤون المياه الى سلطات مياه محلية لفترة ثلاث سنوات بعدها يمكنها بيع هذة السلطات الى شركات خاصة ومستقلة وبهذا تكتمل عملية الخصخصة.

أسرائيل ليست بالدولة الأولى التي تقوم بخصخصة شبكة مياهها، فقد سبقتها في هذة التجربة أنجلترا وفرنسا وبعض الولايات الأمريكية بالأضافة الى العاصمة الأرجنتينية ومانيلا في الفليبين وبوليبيا واندونيزيا وجنوب أفريقيا وغيرها. وفي جميع هذة الحالات كانت النتيجة أرتفاع مستمر في الأسعار وأنخفاض في جودة المياه وفي وتيرة الرقابة وأهمال وعدم صيانه لشبكة المياه عامة.

في انجلترا على سبيل المثال أضطرت الحكومة للتدخل ولسن قوانين للحد من أرتفاع الاسعار الأ ان ذلك لم يحد من الأرتفاع بعدد السكان الذين قطعت عنهم المياه لعدم تمكنهم من دفع الرسوم بالأضافة الى أرتفاع بنسبة تفشي الديزنطيريا (Dysentery) وامراض أخرى الناتجة عن تلوث المياه وعن عدم المحافظة على النظافة الشخصية.

في مدينة أطلنطا في جورجيا في الولايات المتحدة أرتفعت الأسعار مباشرة بعد الخصخصة بالأضافة الى فصل 400 عامل من أصل 700 مما أدى الى هبوط حاد في خدمة المياه وقد ظهرت المياه في الأنابيب المنزلية بلون قاتم وأنقطعت المياه عن البيوت لساعات طويلة دون سبب وأرتفعت عدد حالات التلوث من البكتيريا ووجب غلي المياه قبل الأستعمال بشكل مستمر. نتيجة الى وابل من الشكاوي أضطرت بلدية أطلنطا في نهاية المطاف الى الأستعانة بخدمات مراقبين خارجيين لمتابعة عمل شركة المياه مما كلفها كم طائل من الدولارات وأضطرها الى الغاء التعاقد مع الشركة والى أعادة خدمات المياه والصرف الى أدارة البلدية.

يمكن معاينة تفاصيل هذة الحالات وأخرى في تقرير "أصدقاء الأرض" هنا.

في بداية الأمر قد يشعر القارئ الفلسطيني بأنفراج نوعاً ما فالسكان الفلسطينين يعانون الأمرّين من العقوبات الجماعية بقطع المياه عن القرى والبلدات العربية وهي حالة مستمرة منذ بدء الدولة ومشروعها القطري للمياه حتى يومنا هذا، لكن من الجانب الأخر عملية الخصخصة المدمرة لأركان الدولة بكيانها الصهيوني تقذف بالفئات المستضعفة وعلى رأسها المجتمع الفلسطيني الى فكي رأس المال كما هي الحال في أنجلترا واطلنطا وغيرها.

بالأضافة الى ذلك فأن عملية صرف تطهير وتكرار المياه العادمة لأستعمال القطاع الزراعي ستتم بواسطة مفاعل تطهير بملكية يهودية دأبت الدولة على تطويرها خلال العشرين سنة الأخيرة وهكذا سيستمر أقصاء القطاع الزراعي الفلسطيني كم تم أقصاءه سابقاً ولن تضمن له الخصخصة أي ملكية أو حرية تصرف بمياه الصرف في البلدات العربية.
سريعاً سيجد المواطنون الفلسطينيون أنفسهم بين المؤيد والمعارض أو قد يصح القول بين المنتفع والمعارض وبين المعارض والساذج الواهم بوجود السوق الحر وبنجاعته، وسيشمل هذا الأنشقاق القيادات السياسية وسيتحول النضال من نضال قد يجتذب الأنظار بكونه نضال أقلية قومية أصلانية في دولة أستعمارية الى نضال عابر لفئات مسحوقة ومهمشة في دولة عصرية تسيطر بها الرأسمالية العالمية.

لا أدري أي من السلطات المحلية موجودة في أي مرحلة من هذة العملية لكن أذا كان مشروع الأقلية الفلسطينية في أسرائيل هو مشروع صمود فأي من رؤساء البلديات سيصمد وأي منهم سيكون من المنتفعين وقد يحتفي سياسيا بأهتزاز الكيان الصهيوني واجتماعياً لعله يراقص رأس المال؟!!!


© حقوق النشر محفوظة

نسرين مزاوي - محاضرة ومستشارة في مجالي التنمية المستدامة والجندر، حاصلة على اللقب الأول في علم الأحياء واللقب الثاني في أدارة موارد بيئية وطبيعية.

وأن تعددت الزوجات يبقى القمع واحد – تعدد الزوجات أطار ثقافي أحتجاجي أم أطار قمع أقتصادي سياسي؟

سأحاول في مقالتي هذة نص رؤية تحليلية سياسية لظاهرة تعدد الزوجات الأخذة بالأنتشار في المجتمع الفلسطيني في اسرائيل فأن نسبة انتشارها في النقب تتراوح بين 30-40% ونجدها منتشرة في الشمال أيضاً وكذلك بين غير المسلمين بأشكال مختلفة.

في البداية سأحاول الوقوف على الظاهرة واشكاليتها في عصرنا هذا ومن ثم سأنتقل الى طرح المعضلات والتخبطات الثقافية الفكرية السياسية والاجتماعية التي يجب الوقوف عليها بتأني قبل التسرع بأصدار الأحكام النمطية.

طبعا مما لا شك فيه هو معاناة النساء التي يتم هجرها لصالح الزوجة الجديدة فهي تعاني الامريين. فثمن الألتزام المزدوج الغير متكافئ لصالح المرأة الجديدة هو أهمال وأخفاق بالمسؤوليات العائلية الزوجية الأقتصادية الأجتماعية والتربوية التي التزم بها الزوج لزوجته الاولى وأبنائها وبناتها. بالأضافة ومما لا شك فيه تلاشي اخفاقات الرجل الزوجية العائلية الأجتماعية والتربوية امام الشرعية البطريركية اللامتناهية، وبهذا يقع العبئ الأجتماعي والأقتصادي بأكماله على الزوجة واولادها حيث فقدت اولاً الألتزام الأقتصادي في أطار الزواج وبما انها غير مطلقة فهي غير مستحقة للنفقة أو مخصصات الضمان الأجتماعي للأمهات الأحادية (عائلات احادية الوالد، مطلقات أو ارامل)، وهكذا تتحول الأخفاقات الأخرى التي تلاشت أصلاً الى هامشية في ظل المعاناة الأقتصادية اليومية للنساء واولادهم في هذة الحالات.

من جانب اخر تقوم الزوجة الجديدة الغير مأطرة رسمياً بأطار زواج قانوني حيث يمنع القانون الأسرائيلي تعدد الزوجات، بالحصول على أستحققات الضمان الأجتماعي بكونها أم أحادية. وهنا أفتراض بايمان قاطع بأن من يحصل على هذة المخصصات وينفقها هو الزوج وليست الزوجة الجديدة.

ولا يمكنني تجاهل خصوصية النساء المُقحمات رغماً عنهن الى هذة الوضعية – وضعية ما بين بين، لا معلقة ولامطلقة – فنجدهن اساساً نساء مستضعفات أجتماعياً أقتصادياً وسياسياً، اما النساء الممكنات فنجد ان لديهن القدرات على تخطي العقبات والخروج من هذة الوضعيات والوصول الى حلول جذرية قاطعة. ومما لا شك به ان أطار تعدد الزوجات تحول من أطار شرعي للأجابة على حاجيات أجتماعية معينة الى اطار قمع اقتصادي جندريالي بحت حيث تحول به القمع الاقتصادي الأولي الى قمع أقتصادي مضاعفاً ومحتم.

سأقتصر الحديث عن سلسلة المعاناه التي تواجهها النساء في السعي وراء حلول من خلال المؤسسات والمحاكم المدنية الأسرائيلية أو من خلال المحاكم الدينية الشرعية والنظم الأجتماعية المتعارف عليها فهي من جميعها تخرج بكفي حُنين. وبما ان القهر والاضطهاد الممارس ضد النساء في هذا الاطار هو ذو خصوصية أقتصادية بحتة، فأن عملية البحث عن حلول لا بد ان تشمل هي أيضاً جوانب أقتصادية بحتة.

عملياً أن كل عقد زواج اي كان هو نوعا ما عقد أقتصادي، يلزم من يشارك به بضمان متبادل وبشراكة تامة وشاملة. فعملياً المردود المادي الناتج عن عمل احد الزوجين خارج المنزل في حين يقوم الاخر بالمواظبة على الأعمال المنزلية صيانة المنزل ورعاية الاطفال هو مردود مادي مشترك من نصيب الأثنين بالتساوي، ولا يحق لأي من الزوجين حجبه أو منعه عن الأخر. ومن هذا المنطلق تقر المحاكم المدنية بتوزيع الاملاك بين الزوجين بشكل أو باخر في حالات الطلاق ومن ذات المبدئ يستحق الأرمل او الأرملة مخصصات التقاعد في حالة وفاة احد الزوجين، وكذلك مخصصات الشيخوخة والضمان الأجتماعي في حالة فقدان اي منهم القدرة على العمل.

النساء في حالات تعدد الزوجات تعاني اولاً القمع السياسي حيث تتجاهل المؤسسة الشرطوية والحقوقية الاسرائيلية توجهاتهن بعذر التعددية الثقافية وتتواطئ المحاكم الشرعية مع هذة السياسات لتشد أزر البطريركية الذكورية الرأسمالية (المتملكة للنساء) التي بدورها تغذي برد فعل رجعي سلطوية المؤسسة الحاكمة. ثانياً القمع الأجتماعي فأن كان الطلاق هو السبيل للحصول على الحقوق الأقتصادية الا ان حالة المطلقات الاجتماعية ليست بأفضل من حالة النساء المهجورات، وبالمحصلة يثلث القمع ليكون سياسي أجتماعي أقتصادي.

فان لم ينصفهن القضاء ولم ينصفهن الطلاق، أي لم تنصفهن اي من المؤسسات المدنية أو الدينية أو الأجتماعية فلا بد للنساء بالتوجه الى رفع دعوى جزائية حيث لا يحق للزوج بالتصرف بدخله على اهوائه، فقد يبذره على المرأة الثانية أو الثالثة او الرابعة أو قد يبذره على تفاهات اخرى خالاً ب ومتنصلاً من التزاماته في عقد الزواج الاول لزوجته الاولى ولأبنائها منه.


قد يكون اقتراح رفع الدعاوي الجزائية أقتراح ساذج وحالم فالتوجه للقضاء وان بدعوى جزائية يتطلب أيضاً قدرات وموارد دعم اجتماعية وأقتصادية ولكني من هنا اريد الأنتقال الى المعضلات السياسية الأيديولوجية حول الموضوع لتكن نقطة أنطلاق لبناء أستارتيجيات مجتمعية.

وهنا تستوقفني حالات تعدد الزوجات التي تتعامل بها النساء مع الوضعية القائمة كوضعية عادية ليس فيها اي من أشكال القمع والأضطهاد وتأخذني الى مواقف لم أتوقعها، فقد تكون نقطة الأنطلاق النسوية الأولى المناهضة لظاهرة تعدد الزوجات لما فيها من قمع واضطهاد جارف للنساء تنطلق من فرضيات خاطئة وتسعى عفوياً وراء نموذج ونمط كولنيالي رأسمالي كنسي، وهو أطار الزواج الثنائي المونوجيمي، غافلة ان نماذج الزواج والاطر العائلية أختلفت بين الحضارات المختلفة.

أن المجتمعات البطريركية على أطرها المختلفة ترتبط بشكل مباشر مع الرأسمالية التملكية حيث تفقد فيها النساء والأطفال مكانتهم المستقلة فتكون ملك للرجال. أما في حضارات أخرى ومنها المطريركية التي انتشر العديد منها بآسيا وبأفريقيا وبأمريكيا ما قبل الأستعمار الأوروبي على أشكاله، فقد نسبت الأطفال الى أمهاتهم ولم يكن للأب دور مركزي في تنشأة الطفل أو في حياته العائلية أو الأجتماعية، وفي بعض الحضارات الاخرى أختلف مفهوم العائلة أن وجد أصلاً وأختلفت انماط العلاقات الاجتماعية عن الانماط المتعارف عليها اليوم في عالم ما بعد الأستعمار.

كذلك الأمر بالنسبة للحضارات الأسلامية فقد تواجد بها انماط حياة عائلية وزوجية مختلفة بالأضافة الى النمط الثنائي المونوجيمي، وأفترض أفتراض عبثي بأن الأشكاليات النابعه من ظاهرة تعدد الزوجات التي يعاني منها المجتمع اليوم هي أشكاليات عصرية نابعة عن تراكمات قمعية على مستويات مختلفة، وأفترض أيضاً ان ظاهرة تعدد الزوجات لم تكن منتشرة بشكل جارف كما هي اليوم أو ربما لم تكن ذلك الاطار القامع كما هي اليوم او ربما نعم ويجب ان نأخذ بعين الاعتبار الفترة الانتقالية ما بين الجاهلية والأسلام حيث لا يوجد لدي أي فكرة عن الأنماط العائلية والزوجية التي اتبعت حينها وأفترض انها لم تتلاشى جميعها بين ليلة وضحاها.

وبأعتقادي أننا كنسويات قد نخطأ الهدف بأستهداف تعدد الزوجات كأطار أشكالي بحد ذاته، وأن كان الاطار غير منصف ليبراليا ولكن وبما انني من مناهضات الليبرالية فلا ارى بنقص الأنصاف الجندريالي الليبرالي الكمي اشكالية اساسية أو جوهرية، أنما بعمليات القمع، الأضطهاد والأستضعاف اللولبية المغذية واحدة للأخرى والقابضة باحكام على أنفاسنا وتطلعاتنا فمن من النساء الممكنات أقتصاديا أجتماعيا وسياسيا أقحمت الى أطر أو مسارات رغماً عنها؟! وان تم ذلك بشكل او بأخر فقدرتها على الخروج من لولبيات القمع تعتمد مواردها الاجتماعية السياسية النفسية والاقتصادية. فلنعمل على توسيع هذة الموارد وعلى تقليص دوائر الأضطهاد وليس بعمل تدعيم فرداني موضعي أشبه باخماد الحرائق، انما بعمل جماعي من خلال مشروع أجتماعي سياسي شامل لكافة الهيئات والأطر الحزبية والسياسية والأجتماعية التي تزعم العمل على أجندات تحرر وهي غالباً ما تكون أجندات انتقائية غير شمولية فتبني وهماً فرضيا مؤقت نتيه فيه الى أجل غير مسمى.


© حقوق النشر محفوظة
نسرين مزاوي – ناشطة اجتماعية نسوية حاصلة على اللقب الثاني في أدارة موارد بيئية وطبيعية وعلى اللقب الاول في علم الأحياء.