الموضوع البيئي كأي موضوع علمي أخر قد تُدحرج فيه النظريات العلمية لتتحول الى أساطير يتبادلها الهاوايين ويستغلها السياسيين لترسيخ أجندات سياسية – أقتصادية – أجتماعية محلية وعالمية تبعد كل البعد عن الحاجات البيئة الحقيقية.
يتطرق زميلي الصحفي عمر المنصور في مقالته النمو السكاني المتزايد واثره على البيئة، الى الأبعاد البيئية للزيادة المستمرة في عدد سكان العالم من حيث تزايد الطلب على الموارد البيئية بغرض تلبية الحاجات البشرية من مسكن وملبس غذاء وأماكن عمل وترفيه.
أوافق زميلي بتحليله للحالة البيئية الا أنني لا أتفق معه بالخلاصة الى "الحاجة لضرورة... وقف عشوائية زيادة السكان داخل المدن العربية التي تعاني انفجارا سكانيا هائلا..." وأود التنويه الى ما غفل عنه المنصور وهو تحليل القضية البيئية من منظور "أثر القدم الأيكولوجي" (Ecological footprint) حيث تختلف الرؤيا تماماً من هذا المنظور وتختلف معها التحديات وأستراتيجيات العمل والأجندات.
اولاً فلنبدأ بالأعتراف بحقيقة كون الكرة الأرضية مكان محدود لا يمكنه أستيعاب وحمل عبئ عدد لا متناهي من الأفراد. كل من يعيش على الكرة الأرضية يستهلك جزء منها، جزء من أرضها وجزء من مياهها وجزء من هوائها وجزء من نفطها... بالأضافة الى اجزاء أخرى من مواردها المتجددة والغير متجددة. حتى أن لم نمتلك هذة الأجزاء مباشرة الا أننا نتملكها ونستهلكها بأشكال عدة. في الشريط "قصة الأشياء" وفي والموقع الألكتروني The story of stuff يمكن تتبع عملية ولادة وموت ما نستهلكه من منتوجات.
على سبيل المثال أذا تتبعنا كرتونة الحليب في البراد والمسار التي سلكته من مصدرها الأول حتى وصلت الى فنجان "النسكافيه" فنجد أننا قد ربينا بقرة معينه على مساحة أرض معينة (ربما نصف متر مربع يكفي لها لتصطف في زريبة تكنولوجية مع أترابها من بقرات أخرى)، هذة البقرة تحتاج أن تأكل البرسيم الذي زرعناه على قطعة أرض معينة (فلنقل دونماً من الأرض) وحصدناه من أجلها على مدار سنوات، بالأضافة الى ذلك تحتاج البقرة الى حيز معين لأبعاد الروث عنها والى بئر من الماء لتشرب منها. عملية نقل البرسيم من الحقل الى الزريبة تحتاج الى عربة هذة العربة تحتاج الى مساحة من الأرض لتخصص كشارع او درب تسير به العربة بسلاسة، ناهيك عن العربات الحديثة وما تحتاجه من نفط الذي يحتاج أستخارجه وتكريره ونقله مساحات أضافية من الأرض بالأضافة الى كون هذة العمليات عمليات منوطة بما لا يقل عن ما سبقها من مساحات هواء وماء لعمليات التكرير والتبريد والنقل البحري.
ولنقل كبرت البقرة وماشاءالله عليها وأدرت الحليب. عملية تعليب الحليب، نقله، تخزينه، وتوزيعه كلها متعلقة اولاً بوجود مساحة من الأرض والهواء والماء تدعم هذة العمليات وتمكننا من القيام بها، جزء من هذة المساحات نستهلكها بشكل مستدام فمثلاً لا نحتاج الى بناء شارع جديد لكل علبة حليب لكننا نحتاج الى كمية أضافية من الهواء والماء لأنتاج كل علبة ونقلها من مكان الى مكان. وهكذا فأن جزء من هذة المساحات تستهلك بشكل دائم ومتجدد حيث أن بعضها تزودها لنا الطبيعة بدون أي حد مثل الطاقة الشمسية، وبعضها يتجدد بفعل دورات طبيعية للمواد مثل دورات الهواء والماء، وبعضها الأخر محدود وغير متجدد مثل النفط ومعادن مختلفة.
عمليا ما نقوم به من نشاطات حياتية بشرية يتم بفضل أخضاع هذة المساحات والموارد وأستهلاكها لدعم وتمكين عمليات الأنتاج والأستهلاك على جميع مراحلها واشكالها. "أثر القدم الايكولوجي" هو مقياس لتقييم حيز (مساحة وحجم) من الموارد الطبيعية التي نستهلكها في عملية أنتاج وأستهلاك وكب منتوج معين. وهكذا تختلف "أثر القدم الأيكولوجية" بحسب مسار عملية الأنتاج.
فعلى سبيل المثال أثر القدم الأيكولوجية لكأس حليب من بقرة الجيران، يختلف عن أثر القدم الأيكولوجية لكأس حليب مستورد ومعلب ومبرد بديمومة بأنتظار قدوم من ينقله من براد المصنع الى براد المستودع التجاري ومن ثم الى براد البيت ومن ثم ينقل ما بقي من رزم تعليب وتغليف الى مكب النفايات. ولا أهدف هنا الى حث كل منكم على تربية بقرة عند الجيران أنما المثال للتوضيح لا غير.
تختلف "أثر القدم الايكولوجية" من منتوج الى منتوج وكذلك تختلف من فرد الى فرد ومن دولة الى دولة ومن مجتمع الى مجتمع بحسب أنماط الحياة المختلفة. وأن نظرنا للعالم نظرة شمولية فنجد أن "أثر القدم الأيكولوجي" لسكان العالم هو 22 دونم للفرد، بينما ما تستطيع الكرة الأرضية تزويده للفرد الواحد في الوضع القائم هو 18 دونم فقط!!! ومن هنا تنبع الأزمة البيئية فنحن في حالة من الأفراط البيئي أي "مينوس البيئي" أو "environmental overdraft".
طبعا الى هنا أتفق وزميلي عمر المنصور ولفهم حثيثيات الحالة يمكن قرائة مقالته بتمعن. لكن الاكتفاء بالأسهاب بتفاصيل هذا الأفراط قد يؤدي بالبعض بالأستعجال الى الخلاصة الخاطئة وهي بأن المشكلة تكمن بعدد سكان الكرة الأرضية وأن ضبط عدد السكان هو الحل الكفيل بالحد من الازمة البيئية. بالأضافة الى ذلك قد تؤدي هذة الخلاصة الى تسارع المنتفعين سياسياً واقتصادياً لتوجيه أصابع الأتهام للدول "المتكاثرة" وللعائلات الكبيرة، والقليل من التروي ونظرة معمقة في التفاصيل الدقيقة تقودنا الى أستنتاجات مختلفة.
أولاً – بحسب الموديل المتبع لقياس "الأثر الأكولوجي" وبحسب المعطيات الموجودة، نحتاج اليوم الى ما يزيد عن كرتين أرضيتين ونصف لكي تستمر الحياة على الكرة الأرضية بشكلها المتعارف عليه اليوم وبالرغم من هذا ما زالت الحياة مستمرة!!! من هنا يمكننا الأستنتاج بأن بعض أفراد العالم لا تستهلك 22 دونم للفرد أو حتى 18 دونم للفرد، بل ان حاجاتنا الحياتية الفردية والجماعية هي مرنة والحيز الأكولوجي المطلوب لها هو مرن ايضاً.
ثانياً – لا بد من التساؤل كيف وصلنا الى هذا الأفراط البيئي (المينوس\overdraft)، من أفرط بأستخدام الموارد ومن حافظ عليها؟ اذا تعمقنا في القائمة المدرجة أعلاه نجد أن الأفراط البيئي يختلف من دولة الى دولة، فالأفراط البيئي الأمريكي هو 46- دونم للنسمة والهولندي هو 39- دونم للنسمة، بينما الصيني هو 7- دونم للنسمة والهندي 4- دونم للنسمة. لا يوجد اي شك بأن جميع دول العالم موجودة بحالة من الافراط البيئي وجميعها بحاجة الى ترشيد الأستهلاك، لكن يوجد فجوة كبيرة جداً بين الدول المختلفة بقدر الأفراط البيئي وهذا ينبع من نمط الحياة الأستهلاكي المتبع بكل دولة ودولة.
كذلك يختلف الأمر في المجتمع ذاته من عائلة الى عائلة. فعلى سبيل المثال العائلات عديدة الأولاد عادة ما يحتم عليها عدد أفرادها أعتبارات أقتصادية وأنماط أستهلاكية تؤثر على أثر القدم الأكولوجي لها ولأفرادها. فنجد أن العائلات الفقيرة تعتمد الغذاء الغير مصنع والغير معلب، أما العائلات الكبيرة ميسورة الحال وهي قليلة نسبياً وان توجهت الى الغذاء المصنع فقد تعتمد الكميات العائلية في الرزمة الواحدة وتكون أثر قدمها الأكولوجي اقل بكثير من العائلات الصغيرة ميسورة الحال التي تعتمد الوجبات الفردية المصنعة والمعلبة والمخزنة كوجبات صغيرة. وهكذا فغالباً ما نجد أن أثر القدم الأيكولوجي العائلي الشامل لعائلة العشر أفراد قد يكون أقل منه بكثير لعائلة الثلاث أفراد.
وبالرغم من هذا التفاوت الأ أن الكارثة البيئية الحاصلة والمنتظرة في آن واحد تنبع من التخوف من طموح وارادة كافة أفراد العالم على شتى أشكالهم بنمط حياه مشابه معادل وموازي لنمط الحياة الأمريكي والغربي. في هذة الحالة سنحتاج الى سبع كريات أرضية وربما أكثر، وبما اننا لا نملك غير كرة ارضية واحدة ووحيدة فأن كانت حاجتنا الى كرة أرضية أضافية واحدة أو الى خمس أو سبع فأن الحال واحد.
عودة الى مقالة عمر المنصور وتشحيذاً لرسالتها يمكننا القول ليس لنا من سبيل للحياه على الكرة الأرضية أذا اراد جميع سكان العالم وذريتهم الحياة بنمط حياة أستهلاكي موازي ومعادل لنمط الحياة الغربي ولمعاييره الحياتية. لكن هل يمكننا من هنا أن نستنتج أن قلة من البشر "مستغربة" بنمط حياتها الأستهلاكي (على وزن مستشرقة) سيكون لها من سبيل لحياة أفضل؟! ربما لفترة وجيزة من الزمن لكن سرعان ما ستعود جشاعة الأستهلاك الأعمى بظمأه الذي لا يروى وأتخامه الغير محدود لتقود البشرية الى المعضلات ذاتها.
وفي سياق معايير العدل الأجتماعي البيئي، ماذا تقول للهندي الذي يريد أن يعيش حياته برفاهية كما يعيشها الهولندي والأمريكي أو ربما الأسرائيلي حيث أن افراطه البيئي هو الأكبر، وهل من العدل أن يستهلك الأمريكي والهولندي وغيرهم مواردهم وموارد الأخرين بينما ينظرون ويروجون أدعاءاتهم المموهة والخاطئة ويلقون الأتهامات بدمار حاصل مقبل على من لم يأثم وعلى من لم يولد بعد؟! فهل نغفل عن ثقافة الأستهلاك ثقافة تستهلك الأنسان كما تستهلك الاشياء ونؤمن بخدع الأساطير والأوهام؟ّ وعلى أي من الأسس نبني ونخطط التنمية البشرية في البلاد؟ وهل الحل هو عملية الحد من السكان أم أن عملية الحد من السكان ستقود حتما الى تفاقم الأزمة البيئية حيث لا يكمن الحل في الحد من عدد السكان بل بالحد من ثقافة الاستهلاك!!!
c حقوق النشر محفوظة
نسرين مزاوي - ناشطة أجتماعية حاصلة على اللقب الثاني في أدارة موارد بيئية وطبيعية وعلى اللقب الأول في علم الأحياء.
يتطرق زميلي الصحفي عمر المنصور في مقالته النمو السكاني المتزايد واثره على البيئة، الى الأبعاد البيئية للزيادة المستمرة في عدد سكان العالم من حيث تزايد الطلب على الموارد البيئية بغرض تلبية الحاجات البشرية من مسكن وملبس غذاء وأماكن عمل وترفيه.
أوافق زميلي بتحليله للحالة البيئية الا أنني لا أتفق معه بالخلاصة الى "الحاجة لضرورة... وقف عشوائية زيادة السكان داخل المدن العربية التي تعاني انفجارا سكانيا هائلا..." وأود التنويه الى ما غفل عنه المنصور وهو تحليل القضية البيئية من منظور "أثر القدم الأيكولوجي" (Ecological footprint) حيث تختلف الرؤيا تماماً من هذا المنظور وتختلف معها التحديات وأستراتيجيات العمل والأجندات.
اولاً فلنبدأ بالأعتراف بحقيقة كون الكرة الأرضية مكان محدود لا يمكنه أستيعاب وحمل عبئ عدد لا متناهي من الأفراد. كل من يعيش على الكرة الأرضية يستهلك جزء منها، جزء من أرضها وجزء من مياهها وجزء من هوائها وجزء من نفطها... بالأضافة الى اجزاء أخرى من مواردها المتجددة والغير متجددة. حتى أن لم نمتلك هذة الأجزاء مباشرة الا أننا نتملكها ونستهلكها بأشكال عدة. في الشريط "قصة الأشياء" وفي والموقع الألكتروني The story of stuff يمكن تتبع عملية ولادة وموت ما نستهلكه من منتوجات.
على سبيل المثال أذا تتبعنا كرتونة الحليب في البراد والمسار التي سلكته من مصدرها الأول حتى وصلت الى فنجان "النسكافيه" فنجد أننا قد ربينا بقرة معينه على مساحة أرض معينة (ربما نصف متر مربع يكفي لها لتصطف في زريبة تكنولوجية مع أترابها من بقرات أخرى)، هذة البقرة تحتاج أن تأكل البرسيم الذي زرعناه على قطعة أرض معينة (فلنقل دونماً من الأرض) وحصدناه من أجلها على مدار سنوات، بالأضافة الى ذلك تحتاج البقرة الى حيز معين لأبعاد الروث عنها والى بئر من الماء لتشرب منها. عملية نقل البرسيم من الحقل الى الزريبة تحتاج الى عربة هذة العربة تحتاج الى مساحة من الأرض لتخصص كشارع او درب تسير به العربة بسلاسة، ناهيك عن العربات الحديثة وما تحتاجه من نفط الذي يحتاج أستخارجه وتكريره ونقله مساحات أضافية من الأرض بالأضافة الى كون هذة العمليات عمليات منوطة بما لا يقل عن ما سبقها من مساحات هواء وماء لعمليات التكرير والتبريد والنقل البحري.
ولنقل كبرت البقرة وماشاءالله عليها وأدرت الحليب. عملية تعليب الحليب، نقله، تخزينه، وتوزيعه كلها متعلقة اولاً بوجود مساحة من الأرض والهواء والماء تدعم هذة العمليات وتمكننا من القيام بها، جزء من هذة المساحات نستهلكها بشكل مستدام فمثلاً لا نحتاج الى بناء شارع جديد لكل علبة حليب لكننا نحتاج الى كمية أضافية من الهواء والماء لأنتاج كل علبة ونقلها من مكان الى مكان. وهكذا فأن جزء من هذة المساحات تستهلك بشكل دائم ومتجدد حيث أن بعضها تزودها لنا الطبيعة بدون أي حد مثل الطاقة الشمسية، وبعضها يتجدد بفعل دورات طبيعية للمواد مثل دورات الهواء والماء، وبعضها الأخر محدود وغير متجدد مثل النفط ومعادن مختلفة.
عمليا ما نقوم به من نشاطات حياتية بشرية يتم بفضل أخضاع هذة المساحات والموارد وأستهلاكها لدعم وتمكين عمليات الأنتاج والأستهلاك على جميع مراحلها واشكالها. "أثر القدم الايكولوجي" هو مقياس لتقييم حيز (مساحة وحجم) من الموارد الطبيعية التي نستهلكها في عملية أنتاج وأستهلاك وكب منتوج معين. وهكذا تختلف "أثر القدم الأيكولوجية" بحسب مسار عملية الأنتاج.
فعلى سبيل المثال أثر القدم الأيكولوجية لكأس حليب من بقرة الجيران، يختلف عن أثر القدم الأيكولوجية لكأس حليب مستورد ومعلب ومبرد بديمومة بأنتظار قدوم من ينقله من براد المصنع الى براد المستودع التجاري ومن ثم الى براد البيت ومن ثم ينقل ما بقي من رزم تعليب وتغليف الى مكب النفايات. ولا أهدف هنا الى حث كل منكم على تربية بقرة عند الجيران أنما المثال للتوضيح لا غير.
تختلف "أثر القدم الايكولوجية" من منتوج الى منتوج وكذلك تختلف من فرد الى فرد ومن دولة الى دولة ومن مجتمع الى مجتمع بحسب أنماط الحياة المختلفة. وأن نظرنا للعالم نظرة شمولية فنجد أن "أثر القدم الأيكولوجي" لسكان العالم هو 22 دونم للفرد، بينما ما تستطيع الكرة الأرضية تزويده للفرد الواحد في الوضع القائم هو 18 دونم فقط!!! ومن هنا تنبع الأزمة البيئية فنحن في حالة من الأفراط البيئي أي "مينوس البيئي" أو "environmental overdraft".
طبعا الى هنا أتفق وزميلي عمر المنصور ولفهم حثيثيات الحالة يمكن قرائة مقالته بتمعن. لكن الاكتفاء بالأسهاب بتفاصيل هذا الأفراط قد يؤدي بالبعض بالأستعجال الى الخلاصة الخاطئة وهي بأن المشكلة تكمن بعدد سكان الكرة الأرضية وأن ضبط عدد السكان هو الحل الكفيل بالحد من الازمة البيئية. بالأضافة الى ذلك قد تؤدي هذة الخلاصة الى تسارع المنتفعين سياسياً واقتصادياً لتوجيه أصابع الأتهام للدول "المتكاثرة" وللعائلات الكبيرة، والقليل من التروي ونظرة معمقة في التفاصيل الدقيقة تقودنا الى أستنتاجات مختلفة.
أولاً – بحسب الموديل المتبع لقياس "الأثر الأكولوجي" وبحسب المعطيات الموجودة، نحتاج اليوم الى ما يزيد عن كرتين أرضيتين ونصف لكي تستمر الحياة على الكرة الأرضية بشكلها المتعارف عليه اليوم وبالرغم من هذا ما زالت الحياة مستمرة!!! من هنا يمكننا الأستنتاج بأن بعض أفراد العالم لا تستهلك 22 دونم للفرد أو حتى 18 دونم للفرد، بل ان حاجاتنا الحياتية الفردية والجماعية هي مرنة والحيز الأكولوجي المطلوب لها هو مرن ايضاً.
ثانياً – لا بد من التساؤل كيف وصلنا الى هذا الأفراط البيئي (المينوس\overdraft)، من أفرط بأستخدام الموارد ومن حافظ عليها؟ اذا تعمقنا في القائمة المدرجة أعلاه نجد أن الأفراط البيئي يختلف من دولة الى دولة، فالأفراط البيئي الأمريكي هو 46- دونم للنسمة والهولندي هو 39- دونم للنسمة، بينما الصيني هو 7- دونم للنسمة والهندي 4- دونم للنسمة. لا يوجد اي شك بأن جميع دول العالم موجودة بحالة من الافراط البيئي وجميعها بحاجة الى ترشيد الأستهلاك، لكن يوجد فجوة كبيرة جداً بين الدول المختلفة بقدر الأفراط البيئي وهذا ينبع من نمط الحياة الأستهلاكي المتبع بكل دولة ودولة.
كذلك يختلف الأمر في المجتمع ذاته من عائلة الى عائلة. فعلى سبيل المثال العائلات عديدة الأولاد عادة ما يحتم عليها عدد أفرادها أعتبارات أقتصادية وأنماط أستهلاكية تؤثر على أثر القدم الأكولوجي لها ولأفرادها. فنجد أن العائلات الفقيرة تعتمد الغذاء الغير مصنع والغير معلب، أما العائلات الكبيرة ميسورة الحال وهي قليلة نسبياً وان توجهت الى الغذاء المصنع فقد تعتمد الكميات العائلية في الرزمة الواحدة وتكون أثر قدمها الأكولوجي اقل بكثير من العائلات الصغيرة ميسورة الحال التي تعتمد الوجبات الفردية المصنعة والمعلبة والمخزنة كوجبات صغيرة. وهكذا فغالباً ما نجد أن أثر القدم الأيكولوجي العائلي الشامل لعائلة العشر أفراد قد يكون أقل منه بكثير لعائلة الثلاث أفراد.
وبالرغم من هذا التفاوت الأ أن الكارثة البيئية الحاصلة والمنتظرة في آن واحد تنبع من التخوف من طموح وارادة كافة أفراد العالم على شتى أشكالهم بنمط حياه مشابه معادل وموازي لنمط الحياة الأمريكي والغربي. في هذة الحالة سنحتاج الى سبع كريات أرضية وربما أكثر، وبما اننا لا نملك غير كرة ارضية واحدة ووحيدة فأن كانت حاجتنا الى كرة أرضية أضافية واحدة أو الى خمس أو سبع فأن الحال واحد.
عودة الى مقالة عمر المنصور وتشحيذاً لرسالتها يمكننا القول ليس لنا من سبيل للحياه على الكرة الأرضية أذا اراد جميع سكان العالم وذريتهم الحياة بنمط حياة أستهلاكي موازي ومعادل لنمط الحياة الغربي ولمعاييره الحياتية. لكن هل يمكننا من هنا أن نستنتج أن قلة من البشر "مستغربة" بنمط حياتها الأستهلاكي (على وزن مستشرقة) سيكون لها من سبيل لحياة أفضل؟! ربما لفترة وجيزة من الزمن لكن سرعان ما ستعود جشاعة الأستهلاك الأعمى بظمأه الذي لا يروى وأتخامه الغير محدود لتقود البشرية الى المعضلات ذاتها.
وفي سياق معايير العدل الأجتماعي البيئي، ماذا تقول للهندي الذي يريد أن يعيش حياته برفاهية كما يعيشها الهولندي والأمريكي أو ربما الأسرائيلي حيث أن افراطه البيئي هو الأكبر، وهل من العدل أن يستهلك الأمريكي والهولندي وغيرهم مواردهم وموارد الأخرين بينما ينظرون ويروجون أدعاءاتهم المموهة والخاطئة ويلقون الأتهامات بدمار حاصل مقبل على من لم يأثم وعلى من لم يولد بعد؟! فهل نغفل عن ثقافة الأستهلاك ثقافة تستهلك الأنسان كما تستهلك الاشياء ونؤمن بخدع الأساطير والأوهام؟ّ وعلى أي من الأسس نبني ونخطط التنمية البشرية في البلاد؟ وهل الحل هو عملية الحد من السكان أم أن عملية الحد من السكان ستقود حتما الى تفاقم الأزمة البيئية حيث لا يكمن الحل في الحد من عدد السكان بل بالحد من ثقافة الاستهلاك!!!
c حقوق النشر محفوظة
نسرين مزاوي - ناشطة أجتماعية حاصلة على اللقب الثاني في أدارة موارد بيئية وطبيعية وعلى اللقب الأول في علم الأحياء.
مقاله رائعه نسرين.
ردحذفوهنا طبعا تظهر ضرورية وأهمية التحليل الذي يرى تواريخ الاستعمار ونظريات العنصر الانسانية كأساسية لفهم القوى ومسارها في هذه الكره الأرضية.
هل عندما تمس جيب وحقيبة الرجل الابيض وجودة نفسه وجودة حياتة نفهم حينها أن هنالك حياة مفضله على حياه اخرى؟ لانه في نفس الوقت السيناريوهات البشعه عن نقص الماء والغذاء أصلا موجوده حاليا في كثير من الدول المستعمَره سابقأ والمسمى بالعالم الثالث.
نيروز نقطة رائعة
ردحذففي العديد من قرائتي في العلوم الاجتماعية-الأنسانية في الفترة الاخيرة يظهر لي بأن التزايد السكاني هي ظاهرة تطورت كرد فعل لمنظومات سياسية أقتصادية في الدول المستعمرة...
النقطة غير واضحة لي تماما فالدراسات التي قرائتها حتى الان تذكر الارتفاع في نسبة التزايد السكاني بعد الاستعمار لكنها تمر عليه بشكل عابر....
هل تعلمين عن أي من الدراسات الحديثة التي تربط التزايد السكاني كرد فعل لمنظومات كولونيالية؟
Hey Nisreen,
ردحذفI loved this blog. I almost bought a cow and put it at my neighbor’s garden, but then I understood you were kidding ;)
This blog addresses an important point with regards to the consumption habits and mindset that the west (as being the rich that wants to be richer) is spreading to the world, partially as a result of “capitalist” globalization (I do differentiate between different types of globalization) and changes in culture's values.
Yet, you cannot ignore the other impacts of the uncontrollable increase in population, especially in the eastern countries. It might not be the reason for consuming the earth's resources, but it is definitely an important factor that keeps huge population of illiterates, poor and ..... abuse of all kinds.
Thanks Ang. I need this feedback cause if not I never know if it was a good post or not
ردحذفI agree with you regard the globalization
It is not all bad and it is not something that happen suddenly in the last century
The history of capitalism is connected to the history of Protestantism and its go back to the 18 century. The globalization of this culture connected to the colonialism and tied with its history as well.
The increase in population is not uncontrollable by “nature” the opposite is true. The nature does know how to make a balance and in extreme situations the ecological micro-system broke and start new one. It seems that this is what will happen to us, humans, as well.
The “uncontrollable” situation happens due to “Culture” and not as natural situation. Before colonialism (and globalizing its culture) there was no problem like this, there wasn’t any place that suffer from “uncontrollable increase in population” – the nature and other kind of cultures did knew how to balance itself - for example woman who worked in the field have her child on her back nursing him/her for three or more years never could have 10 babies in 10 or 20 years. So having 10 babies or more can happen due to a specific kind of lifestyle (“welfare” lifestyle – and I don’t mean a socialist one but “modern” one that can buy machines to help us in daily life).
Ok, from here there is a need to ask: why German welfare lifestyle, for example, doesn’t increase population or stop it at all and more over if we talk about increasing in uncontrollable way, and didn’t stop increasing population in Egypt for example.
So the answer can be “poor “ people bring more children and at the same time more children make the people more poor.
So what is “poor”?! The woman who worked in the field have her child on her back nursing him/her for three or more years is she a poor? Someone can say yes because she can’t buy a washing machine, or car or personal computer…. but all this stuff are part of this capitalist-consumer lifestyle. So the term “poor” or “not poor” by itself is part of this capitalist-consumer culture….
If she doesn’t have “money” (let’s say money that is valid around the world that’s mean can be changed by or equal to dollars or Euros) does it mean that she can’t learn how to read and write? And before this kind of money appear at the world how people did pass their language and culture one to the other? How come that today they can’t make it if they don’t have “money” to “pay” for it?
Starving is a modern problem as well, is a cultural problem. Usually animals do not starve, the only one who starve is those who connected somehow to human culture (our animal-slaves, including street dogs and cats), some can starve due to exceptional weather situation, but is not normal situation to starve because there is no food, it can happen but it is not constant phenomena…. It turns to be constant phenomena by the human capitalist culture and not by nature…..
saying that there is not enough food for all this people around the world is also a fiction, cause how come “we” threw food to the sea just for to keep its market-price and then we say there is no enough food for all these starving mouths they need to stop bringing children to the world?!!
“Money” and “Poor” is terms that are part of this culture that force itself on the whole world. Before globalizing the capitalism by colonialism this problems didn’t exist.
And if the majority of the environmental problems around the world occur due to lifestyle of minority does invisiblising the majority of the world will solve it?
I started writing you a reply, it was too long, so i found myself posting my reply here ;-)
ردحذفhttp://bullshitbatata.blogspot.com/2010/03/comment-to-comment-to.html
yes :)
ردحذفi like
i'm runing to read it
well first let me say that i like the idea that you post a post for my psot :)
ردحذفsecond, i agree with all what you say
what i was trying to say is that: if this bad things happen due to culture and it’s get a meaning in a specific cultural frame so we can change it even if it in global level.
We can change the culture.
But, if we look at it and say this the nature of life, some get it good and some get it bad so we have no chance/hope to change it :(
The only thing we can do is trying hard to be among those who get it good, and even when we get the “goods” we can’t ignore the fact that this happen to us instead of someone else, or the fact that we get our “goods” while someone else get their “bads”
If we all born equal, how come that some get it good and some get it bad, how come that this “goods” and “bads” do not spread randomly around the world?!
In my opinion it is a combination of nature and culture. Some things we can change and some things we cannot. Maybe we are all born equal, but being born into different environment and cultures, we are fortunately or not, not being raised equally.
ردحذفNevertheless, nothing should stop us from trying to change things to the better (assuming we understand and agree on what is better for whom)
ya
ردحذفby we all born equal, i mean that we all born with equal rights on this planet
we all suppose to share it equaly or at least have the right for it
if some of us born to socities that make us able to use and buy computers
still this doesn't say that all the air in the world is ours
and by this i mean the footprint of this computers that i mention before
we take our part and the part of the others as well
Maybe you mean, equal commitments and obligations not only rights? :-)
ردحذفI don't agree with you that we all should share the planet equaly (that would be too naive to say), but I would say that we are obligated to share it responsibly.
;-) walla zaman 3ala hal munaqashat...
so what is responsibly for you?
ردحذفmiss you too :)
oh Nisreen azizti u make my life so difficult with the Arabic... I have great difficulty in reading Arabic, and it takes me ages... not just the reading, but understanding as well... but I am proud to say that I always read your blogs with interest. they are worth the trouble!
ردحذفhugs
khulud