في المقاطعة والمقاطعين: مقاطعة الاعلام الإسرائيلي، موضوع قيد البحث.

مقدمة 

فازت الاسبوع الماضي الشابة لينا مخول، فلسطينية (19 عام) من عكا، بمسابقة The voice  الاسرائيلية. وتعالت باعقب مشاركتها وفوزها ردود الفعل حول مشاركتها في المسابقة. غالبية الردود مؤيدة وداعمة بالرغم من بعض الأصوات المستنكرة والرافضة حيث ان بمشاركتها كمشاركة اي فلسطيني\فلسطينية في برامج الأذاعة والتلفزيون الاسرائيلية وظهورهم باشكال مختلفة من خلال الصحف العبرية تُجيير لخدمة اسرائيل ومصالحها وبالأساس لتبيض ماء وجهها والتغطية على عنصريتها المنهجية تجاة الاقلية الفلسطينية في اسرائيل وعلى جرائم الاحتلال.

مرة اخرى يثير الموضوع الكثير من ردود الفعل لكن للأسف يبقى بدون قرارات عملية تطبق على ارض الواقع حيث يرتبط هذا الحدث مع موضوع المقاطعة كآلية نضال يستخدمها فلسطينيو ال48 للحفاظ على الوجود وعلى الهوية، وللمشاركة في النضال الفلسطيني الوطني لانهاء الأحتلال. لكن الأمر معقد وليس بالبساطة والسلاسة التي تنعكس من هذة الجملة، فمن يقاطع فلسطينيي ال48؟ وكيف يقاطعون؟

فلسطينيو ال48 هم من بقوا في بيوتهم وعلى اراضيهم  خلال النكبة او من قد نزحوا من مكان الى مكان داخل ما بات يعرف بالكيان الصهيوني ودولة اسرائيل. منذ تأسيس الدولة أعتبرو هؤلاء مواطنين الا انهم لم يحصلوا على حقوقهم ابداً. لم يحصلوا على حقوق متساوية كمواطنين، ولم يحصلوا على حقوقهم كشعب منكوب بنيت الدولة على انقاض نكبته ونكبة شعبه. بكونهم داخل الكيان الصهيوني منذ البداية فرض على فلسطينيي ال48 التعامل مع الدولة ومؤسساتها، ولم تكن لهذة المجموعة اي امكانية لتطوير مؤسسات او حياة مستقلة الى جانب الدولة. وبالرغم من ان الشعب الفلسطيني واحد الا ان مواقعه الجغرافية المختلفة تفرض عليه واقع سياسي اجتماعي مختلف. وان اتفق الشعب الفلسطيني حول رؤيا مستقبلية لحل القضية الا انه لا يوجد حل واحد للجميع.

الحملة الفلسطينية للمقاطعة الاكاديمية والثقافية لاسرائيل النابعة عن حراك شعبي لفلسطينين في مناطق ال67 تستخدم المقاطعة كالية مقاومة سلمية ودولية للضغط على اسرائيل نحو انهاء الأحتلال وحل الدولتين. المقاطعة كآلية تضع امام فلسطيني ال48 تحديات كبيرة جدا. فهذة الفئة من الشعب تريد ان تقاطع كجزء من النضال الفلسطيني من اجل انهاء الأحتلال وحل الدولتين، لكنها تريد ايضا التواصل مع الشعب الفلسطيني اينما كان وان تعيد بناء علاقتها معه ومع العالم العربي لكي تحافظ بهذا على وجودها على كيانها وعلى هويتها ولكي تعزز من انتمائها وتواصلها الفلسطيني والعربي. من هنا وبكون هذة الفئة تحمل المواطنة الاسرائيلية فإن كل عملية تواصل لها مع الفلسطينيين او مع العالم العربي قد تترجم (دبلوماسيا\سياسيا\اداريا) الى تطبيع مع الكيان الصهيوني المتمثل بدولة اسرائيل ومؤسساتها. بالاضافة الى ذلك فان وجود الأقلية الفلسطينية داخل الكيان الصهيوني وممارستها القسرية لامور تختص بادراة حياتها اليومية من خلال مؤسسات هذة الدولة تستغل مرارا وتكرار بواسطة آلة الأعلام الصهيونية لاخفاء معالم العنصرية والفصل العنصري في الدولة، الى تبييض وجه اسرائيل دوليا بالاضافة الى "غسل" لجرائم الاحتلال.

محاولة فلسطينيي ال48 الفرز ما بينهم وما بين المواطنة القسرية المفروضة عليهم  نجحت مبدائيا الا انها على ارض الواقع ما زالت مرتعا لتفسيرات وتأويلات سياسية ادارية وديبلوماسية تختلف حسب المواقف وحسب المصالح. ومن هنا فان موضوع المقاطعة يضع فلسطينيي ال48 في مكان حساس جدا وربما ليس صدفة ان يكون هذا هو احد المواضيع، التي يختلف النشطاء الفلسطينيون في الداخل بتحديد معاييرهم ومواقفهم تجاهه.

حول المقاطعة بشكل عام


بشكل عام يوجد اجماع حول موضوع المقاطعة ودوره في النضال الوطني، الا ان الخلاف حول ترجمة هذا الاجماع وربطه مع الممارسات اليومية للفلسطينين في الداخل فهو تحدي كبير لا يستهان به.

سأحاول اولا فرز مركبات المقاطعة بالنسبة لفلسطينين الداخل لعل هذا يساعد على تحديد المواقف وتطوير المعايير.
بشكل عام الحديث عن المقاطعة في سياقه هذا يشمل ويُجمل بين:
1)      مقاطعة اسرائيل من الخارج
2)      مقاطعة اسرائيل من قبل فلسطيني ال48
3)      مقاطعة فلسطيني ال 48 لغير المقاطعين
4)      تواصل فلسطيني فلسطيني وفلسطيني عربي والامتناع عن التجسير ما بين العربي و\او الفلسطيني وبين اسرائيل او التطبيع العربي و\او الفلسطيني مع اسرائيل.

مقاطعة اسرائيل من الخارج
ويوجد لها شقين، الشق الاول  هو الحث على مقاطعة اسرائيل بدون اي تحفظ او استثناء. والشق الثاني هو الحث على مقاطعة اسرائيل مع استثناء فلسطيني ال 48 من هذة المقاطعة. وهكذا ممكن لمحاضر اكاديمي مقاطع للجامعات الاسرائيلية الحضور الى حيفا الى القاء محاضرة في مركز ابحاث فلسطيني لكن الأمتناع عن الحضور الى جامعة حيفا او التخنيون على سبيل المثال.  

مقاطعة اسرائيل من قبل فلسطينين ال48
ولها ثلاث ابعاد،
أ) فلسطينيي ال48 كمن فرضت عليهم الدولة بمؤسساتها لا يستطيعون الانفصال عن هذة المؤسسات التي يديرون شؤنهم اليومية من خلالاها. ويوجد جدل حول تعريف وتحديد الامور الأساسية للحياة التي لا يمكن ادارة الحياة والبقاء بدونها. فما هو اساسي وما هو ترف وترفيه؟ هل المشاركة في برنامج تلفزيوني اسرائيلي هو اساسي ام ترفيه؟ وهل يختلف الأمر اذا كان البرنامج اخباري سياسي ام فني؟
ب) مقاطعة المستوطنات والمؤسسات الموجودة فيها والمنتوجات والسلع التجارية الخارجة من شرك ومصانع موجودة فيها.
ج) الامتناع عن تمثيل الدولة في المحافل الدولية. وقد يضمن هذا، الأمتناع عن تلقي التمويل الحكومي لمشاريع فنية على سبيل المثال او الامتناع عن الانجازات الاكاديمية التي ولا بد ان تُمثل في الخارج. ويوجد جدل طويل حول الأمر ولهذا يبقى هذا الموضوع قيض النقاش ويعتبر من المساحات الرمادية التي يصعب اصدار القرار حولها.

مقاطعة فلسطينيي الداخل لغير المقاطعين
وهي ايضا ذات شقين. الشق الأول وهو مقاطعة فلسطينيي ال48 لفنانين او اكاديمين ياتو الى زيارة البلاد وهذة المقاطعة لها عدة مستويات الاول عدم الحضور او المشاركة في العروضات والمحاضرات التي تتم في الحيز الاسرائيلي اليهودي العام والاحتجاج على هذة العروضات او المحاضرات. ثانيا عدم استضافة هؤلاء المحاضرين او الفنانين في مدننا قرانا ومؤسساتنا الفلسطينية. ثالثا عدم المشاركة في عروضات او محاضرات لهؤلاء خارج البلاد.
اما الشق الثاني فهو مقاطعة الفلسطيني للفلسطيني الغير مقاطع او للفلسطيني المُطبع. وهنا بالرغم من الموافقة المبدائية الا انني لا استهين بهذا الامر وخاصة عندما يقع الأمر في المساحات الرمادية الغير واضحة والتي نختلف عليها ونستصعب حسم امرها، فنحن مجتمع صغير جدا ومقاطعتنا لبعض كأفراد لها الاثر الكبير وقد تأخذنا الى هاوية قد تحمل البعض الى الهجرة، وأخرين على البقاء تعساء لعدم قدرتهم على تحقيق الذات وغيرهم بدون مفر او ملاذ من الأحضان الصهيونية الحميمية.

التواصل الفلسطيني الفلسطيني والفلسطيني العربي، والامتناع عن التجسير والتطبيع
بالنسبة لتواصل فلسطيني ال48 مع باقي ابناء الشعب الفلسطيني اينما كانو ومع العالم العربي واعادة بناء وتطبيع علاقتهم بهم فهو امر مفروغ منه ولا نقاش فيه. لكن، كثيرا ما نخلط بين التواصل الفلسطيني الفلسطيني والفلسطيني العربي لتعزيز الهوية والانتماء وبين مبادرات "سلمية" تستغلها المؤسسة الأسرائيلية للتجسير على الهوة بينها وبين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المناهضة لها، او لتبيض ماء وجهها امام المؤسسات الدولية. وهنا من المهم التوضيح انه الاسرائيلي الصهيوني ليس بحاجة للفلسطيني ذات المواطنة الاسرائيلية للوصول الى الفلسطينيين خارج اسرائيل او الى العالم العربي. فعندما يريد ذلك فهو يستطيع القيام بذلك بقواه الذاتية بدون مساعدة وبدون تجسير بينه وبين المعنيين بالأمر. فلم يحتاج الأسرائيلي الى فلسطيني ال48 في محادثات السلام مع المصريين كما لم يحتاجهم في محادثات السلام مع الأردن وكذلك لم يحتاجهم للتواصل مع الفلسطينين في اوسلو. لكنه وبشكل غير مفاجئ يحتاج فلسطينيي ال48 ويلجئ اليهم بشكل عفوي شعبي وغير منظم لخرق الحواجز الشعبية المعارضة والممانعة في الشارع الفلسطيني، في العالم العربي وفي العالم عامة.


تحديات

يواجه فلسطينيي ال48 تحدي كبير وهو تطوير الحوار والنقاش حول موضوع المقاطعة. ففي كل نقاش حول الموضوع يجد فلسطينيي ال48 انفسهم امام موقف ثنائي قطبي يجب عليهم البت فيه واتخذ قرار واضح لا تأويل له. مع المقاطعة او ضد المقاطعة. وتقع الكارثة عندما يحاول بعض الواثقين بمواقفهم السياسية ان كانت المعارضة او الداعمة اصدار التصريحات والمواقف الحادة والقاطعة حول مصادقية هذا او ذاك فيجد الفرد الفلسطيني ذاته امام مواقف وقرارات لا يستطيع ان يحسم فيها فإما ان ينضم الى احدى الجوقتين المتناقضتين على ما يبدو والمتمثلتين الأولى بالوطنية والأخرى بالواقعية، إما يترك الموضوع ويتابع حياته وكأن امر لم يحدث وإن حدث فهو اكبر من أن يتداوله او أن يعطيه جواب.

وهنا يكمن اخفاقنا كمجتمع، اولاً، إن الفرز بين المركبات المختلفة للمقاطعة وتطوير المعايير الموجهة لها هي مسؤولية سياسية جماعية على كل من يتداول الموضوع، اما البلبة والخلط بين الأمور فلا تخدم المجتمع الفلسطيني بأي شكل من الاشكل وكل ما في الأمر انها تبقي مساحة واسعة للأنتهازيين من الفلسطينيين والاسرائييلين على حد سواء وغيرهم لتأويل الأمور والمواقف وقولبتها على اهوائهم وبحسب ما يخدم مصالحهم.  ثانياً، بالرغم من الفرز هناك مساحات رمادية شاسعة، والمعايير التي يمكن تطبيقها على حالة معينة قد لا تلائم حالة أخرى. فان حضور محاضر الى مركز ابحاث فلسطيني في حيفا على سبيل المثال يختلف ويتشابه مع حضور فرقة روك اردنية الى الناصرة. وفي الحالة الاولى قد يكون القرارا واضح ومتفق عليه اما في الحالة الثانية فالقرار غير واضح ومعاييره ضبابية. ثالثا، استمرارية البلبلة والخلط تسهل التخاذل الجماعي والقاء المسؤولية على الافراد كأفراد وتشجع تراشق الأتهادمات المتبادلة فيما بيننا، بينما لا تطرح اي بديل اجتماعي للتعامل مع هذة التحديات. رابعا، بالرغم من الفرز وبالرغم من الحاجة الملحة لتطوير معايير المقاطعة، هناك خلاف جذري بين افراد المجتمع الفلسطيني حول المعايير وحول تطبيقها، وكثيرا ما قد تلين هذة المعايير او تقسو بحسب المصالح الشخصية او الفئوية. وهنا يكمن التحدي الاكبر فهل نعود الى آليات الإبعاد والإقصاء والتخوين التي تعودنا عليها كجزء من ثقافتنا السياسية ام نسعى الى ايجاد مساحة اوسع تحوي كافة ابناء المجتمع الفلسطيني على اختلاف اطيافهم وتوجهاتهم وتحترم خياراتهم.

عودة الى لينا مخول

 عودة الى لينا مخول والى مشاركة الفلسطينيين في برامج التلفزيون او الاذاعة او الظهور في الصحف العبرية.

منذ شهر تقريبا نشرت صحيفة الاخبار مقال تحت عنوان "لينا مخول باعت صوتها لاسرائيل" تجدونه هنا.

اولا فلتسمح لي صحيفة الاخبار بالتعبير عن خيبة املي فانا ارى هذا المقال كمقال انتهازي، يلائم الصحافة الصفراء ويبتعد كل البعد عن الطرح الموضوعي للخبر. وبدون اي علاقة لهوية الكاتبة (ندين كنعان) وقد تكون فلسطينية من ال48، الا انه يؤسفني ويزعجني ويحزنني ان تقوم صحيفة عربية كصحيفة الاخبار بالتواطئ والتحامل على فلسطيني ال48 كما يظهر في هذا الخبر.

ثانيا يوجد تحريف رخيص جدا لاقوال لينا حول العنصرية الموجهة لها في الجامعة، فمن شاهد المقابلة يرى ان لينا تسخر من اليهود الذين يتعاملو معها كأنها ليست عربية وتنتقدهم. وانتقادها لهم وسخريتها منهم واضحة جدا ولا يمكن تفسيرها على عكس ذلك، وما هذا التحريف الرخيص الا دلالة على الأنتهازية الجشعة.

ثالثة تنتقد الكاتبة خيار لينا الغناء لفيروز في البرايم تايم الأسرائيلي، وما لهذا الانتقاد الا منفذ لتعليقات متطرفة من القراء تتعامل مع فيروز والغناء لفيروز في البرايم تايم الأسرائيلي وكأن فيروز خط احمر. يعني اخذوا فلسطين واخذوا حيفا واخذوا عكا ويافا والقدس والأقصى والحمص والفلافل والتبولة والميرمية والزعتر بس كله الا فيروز، فيروز خط احمر. وكان مغنيات اسرائيليات على غرار اتي انكري وغيرها لم يغنو لفيروز في البرايم تايم الاسرائيلي منذ عشرات السنين وكان اخريات لم تغني لام كلثوم ولا لأسمهان وليلى مراد وغيرهن. وطبعا الى جانب كل هذا آلة الدعاية الأسرائيلية المشحمة لا تدع فرصة تفوتها، لكي تروج للوجه البريئ الطاهر لإسرائيل. لكن للأسف الشديد وكما يظهر من الخبر فان انتهازية الاعلام والمؤسسات السياسية ليست انتهازية اسرائيلية فقط ولا علاقة لها بالحدث انما بالمصالح الخاصة لكل من يجير الحدث ويحرفه ويعيد بنائه ويصقله على هواه بما يخدم مصالحه ومطامعه واهوائه.

الى جانب كل هذا كأمراة فلسطينية نسوية ناشطة لا يمكنني التغاضي عن الحيثيات الجندرية للمقاطعة في الداخل، فغالبا ما تعلو اصوات المقاطعة والنقد اللاذع عندما يدور الحديث حول نساء فلسطينيات وغالباً فنانات، لكن الى جانب النساء الفلسطينيات يستضيف الأعلام الاسرائيلي بقنواته التلفزيونية والاذاعية وصحفه الكثير من الكُتاب والصحفيين والمحللين السياسيين في البرامج الاخبارية وكذلك الترفيهية فلماذا تعلو ابواق المقاطعة فقط عندما يتعلق الأمر بنساء عربيات؟!!!

ولا ادافع عن اي من هذة النساء فقد تتخذ كل منهن مستقبلا قرارات ومواقف قد انتقادها واستنكرها. لكني الان انتقد التحامل الرخيص عليهن، انتقد المزايدة وانتقد مجتمع يسهو عن الإنكباب على اعادة بناء ذاته وينشغل في التحامل وفي تخوين وتضيق الحال على افراده. فإن كان الأمر هو آلة الدعاية الصهيونية، فلنحارب آلة الدعاية الصهينونية ولنبني استراتيجيات ملائمة لذلك ولنكف عن مقاتلة الافراد التي تحاول ايجاد فسحة للحياة وتحقيق الذات في دولة يسودها القمع والأضطهاد اليومي العابر والممنهج.

للنهاية

يتضح من الحوار الأخير وجود اجماع بين الناشطين السياسيين على اشكالية الاعلام الإسرائيلي وعلى منهجية استغلال كل حدث من خلاله لخدمة الدعاية الصهيونية. من هنا، فاذا كان الامر كذلك فلماذا لا نُطلق حملة عامة لمقاطعة الاعلام الإسرائيلي على كافة اشكاله وبرامجه؟! لماذا نقتصر الأمر فقط على الفن وفقط على النساء؟!! لماذا نحصر قضايانا الوطنية ونربط مصيرنا الجماعي بتصرفات الأفراد، فهل قضايانا الوجودية متعلقة بلباس هذة وغناء تلك؟ كل نقاش موضوعي لا بُد وان يتطرق الى مسؤوليتنا الجماعية حول الأحداث وتسلسلها، فإما ان نأخذ مواقف وقرارات جماعية موضوعية من منطلق مسؤولية وإلتزام، وإما ان نتابع محاسبة الافراد ومحاكمتهم في المساحات الرمادية فنرشقهم بالأتهامات وبذات المكحال الذي يطلق الاحكام نجمل صورتنا ونخط اشعار الوطنية والنضال ونتابع الحياة كما اعتدنا عليها بانتظار حدث أخر لنرد عليه ونصدر به الفتاوي والأحكام.

وللخلاصة، من الخطء توجيه جهود المقاطعة لمحاربة أفراد المجتمع الفلسطيني الذين يجدون لتحقيق ذاتهم بالرغم من كل الظروف والعقبات ومن الأفضل توجيه جهود المقاطعة الى المؤسسات بشكل جماعي وممنهج. وقد يكون هذا الخط، مقاطعة المؤسسات كمؤسسات، كحملة مقاطعة الخدمة المدنية على سبيل المثال، هو خطوة أولى في مسار تطوير آلية المقاطعة، معاييرها نهجها ونجاعتها.
 
ومن هنا أطرح الاسئلة:
ما هي المؤسسات التي بستطيع المجتمع الفلسطيني في الداخل مقاطعتها ويستطيع كمجتمع تحمل عبئ مقاطعتها؟
هل يستطيع المجتمع الفلسطيني في الداخل مقاطعة الإعلام الأسرائيلي؟

كيف نحول العزوف الشخصي لبعض الفنانات الفلسطينيات امثال ريم بنا، ريم تلحمي، كميليا جبران وغيرهم عن المشاركة في الاعلام الأسرائيلي من خيار شخصي الى نهج عام؟
واخيراً، كيف نُمنهج المقاطعة ونحولها من مجرد كلام ورصيد سياسي بحصده اشطر من يقوم بالتهجم على الأخرين لمقاومة فعلية واحتجاج جماعي يسمع صداه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق