ميرا عوض – سفيرة سلام في بلد يُرد فيه السفراء وتُغلق فيه السفارات


تمهيد
مقال قديم نسبيا بموضوع المقاطعة لم انشره في حينه لأسباب مختلفة وبما ان موضوع المقاطعة والتطبيع بخصوصية فلسطيني الداخل، اي ال 48، ما زال مفتوح على مصراعيه لذلك أقوم بنشر هذا المقال اولاً وستتبعه مقالات اخرى حول الموضوع.  

(قطعتونا بهالمقاطعة)
ميرا عوض – سفيرة سلام في بلد يُرد فيه السفراء وتُغلق فيه السفارات

ميرا عوض، فنانة من قرية الرامة في الجليل، تسكن تل ابيب وتمارس ما استطاعت من فن في الحيز المتاح لها. في ال 2009 رشحت ميرا عوض برفقة الفنانة الأسرائيلية أحينوعم نيني للمشاركة في مسابقة الاغنية الأوروبية الأورفوزيون وقد تزامن هذا الترشيح مع الحرب على غزة، فوجهت لميرا نداءات بالتراجع عن مشاركتها بالمسابقة حيث أن مشاركتها تستعمل لغسل آثام وجرائم اسرائيل (Arab-washing Israel). لأسبابها لم تتنحى ميرا عن المشاركة، مما أثار أستنكار وأستياء واسع في صفوف الأقلية الفلسطينية في أسرائيل. في حزيران 2012 دعيت ميرا عوض للمشاركة بمهرجان ليالي الناصرة، ونادرا ما يعقد مهرجان فني في الداخل، وقد أستمر المهرجان لعدة أسابيع أستضافت منصته في نهاية كل اسبوع فنان محلي او فرقة محلية.

دعوة ميرا عوض للمشاركة بالمهرجان في الناصرة أثارت حفيظة البعض، وبينما تعالت أصوات الشجب والأستنكار تخبط البعض وعارض البعض الأخر، وفي الموعد المحدد تم العرض كما خطط له بحضور وافي وبمظاهرة أحتجاجية صغيرة تكاد لا تذكر على مقربة من الحفل.

تسامح اهل الناصرة مع ميرا هو أمر يتطلب الوقوف عليه في محاولة ربما غير مرغوب بها لفهم ابعاده، لكن شئنا ام ابينا اقامة الحفل بالرغم من نداءات الماقطعة وحضور من حضر من جمهور لا يستهان به هو أمر واقع لا يمكن تجاهله او التغاضي عنه. بالأضافة فأن صوت ميرا المُبرر في مقابلة تلفزيونة على تلفزيون فلسطين مع الزميل رمزي حكيم، يعكس وضعية مركبة ومعقدة لا تقتصر على ميرا عوض بذاتها انما تعكس الوضعية العامة للغالبية الساحقة للفلسطينين داخل الكيان الصهيوني. 

اولا اود التعبير عن أستيائي لنداءت المقاطعة الجارفة التي تتجاهل خصوصية الفلسطينيين في الداخل. فمقاطعة الكيان الصهيوني هي أمر يسهل تطبيقه عند الحديث عن علاقات غير تكافلية لكن ليس هذا هو حال الفلسطينيين في الداخل. فإن شئنا أو ابينا أسقطت علينا المواطنة والهوية ووجودنا داخل الكيان الصهيوني بأي حال من الحالات وبأي وضعية من الوضعيات وحتى الأسؤ منها يوظف دائما للترويج للكيان الصهيوني المدعي للديمقراطية وفي ذات الوقت للطعن بالنوايا الحسنة للمجتمع العربي الرافض لهذة "النعمة" (الديموقراطية).

ثانيا ان استاء من أمر ما فما فهو الا من احزابنا العربية على اشكالها والوانها وقيادتها السياسية الغير رافضة لهذة "الديمقراطية" انما هي بحوار دائم وبجدل عقيم معها، وبأحلك الأوقات لم يقم أي من اعضاء الكنيست العرب بتنحية نفسه عن المنصة البرلمانية الأسرائيلية بالعكس كلما زاد الامر سؤا كلما تشبثو بها أكثر ورأوها كالمنصة الأولى الأكثر هيمنة والأكثر نجاعة. من هنا لن أطيل الحديث عن عدم مصداقية الأدعاءات والمطالب السياسية و"الوطنية" إن شأتم الموجه لميرا في ال 2009، ولو كان آملي بأستجابة ميرا لهذا النداء الا انه من الأولى توجيه هذا النداء لمن يعتلي المنصات السياسية المطبعة قبل من يعتلي المنصات الفنية المطبعة، ولا اتجاهل منصات أخرى كالمنصات الأكاديمية التي لا تخلو من التطبيع والتوظيف للمصلحة الصهيونية الا اننا (وساخرة اقول)  نعتبرها واجب وطني فالعلم نور اما الفن فنستبيح التحامل عليه ربما لمكانته الاخلاقية والوطنية والانسانية الغير مفهومة لدينا مقارنةً بمكانة العلم "السامية".

لن أطيل بالحديث عن المقاطعة فالمقاطعة هي موقف سياسي وبكونها كذلك من الاجدى ان نبتدء بها من المنصات السياسية.  وأود من هنا الانتقال لحوار أفتراضي مع ما تطرحه ميرا كموقف سياسي سلمي متسامح في المقابلة التي أجريت معها في التلفزيون الفلسطيني بهذة المناسبة تجدونها هنا. http://www.youtube.com/watch?v=9_BFH7v2zec

اولاً للأسف الشديد تبداء ميرا عوض مقابلتها بتبرير ذاتها كينونتها هويتها وانتمائها، وانا شخصياً أخجل بأنتمائي الى مجموعة تضطهد أفرادها وتأخذهم محاملهم على بعض الى مكان يضطر فيه الفرد بتبرير انتمائه. وبذات الوقت اتوجه لميرا وأقول "انا وانت منكوبين بشكل لا يقل عن نكبة ابوكي وأبوي فليست صُدف التاريخ هي ما يجمعنا ويشفع لنا في مواقفنا السياسية انما منهجية التمييز العنصري التي تحي نكبتنا يوميا". تجاهل النكبة اليومية التي يعيشها الفلسطيني داخل الكيان الصهيوني والتركيز على النكبة كحدث تاريخي محصور في واقعة تاريخية حدثت في العام 1948 لهو أمر مغلوط وأكبر دليل على ذلك هو ميرا عوض ذاتها فهي تجسيد لنكبة الفلسطيني المعاصر، نكبة الفنان الفلسطيني والفنانة الفلسطينية، نكبة الشباب الفلسطيني والفلسطينين في الداخل عامة، الذين يفتقدون منصاتهم ومواقعهم الفنية الثقافية الأجتماعية والاقتصادية، يفتقدون التواصل الفلسطيني الفلسطيني والفلسطيني العربي. والهجوم على ميرا والمطالبة بمقاطعتها ما هو الا تجسيد لبؤس وتعاسة حالنا.

ميرا عوض هي تجسيد لنكبة الفلسطيني المتهم بالتواطئ والخيانة لمجرد كونه فلسطيني، وهي تجسيد للفلسطيني الهائم على وجهه بحثا عن وطن عن هوية وعن انتماء. ميرا عوض أن شاءت او ابت وأن شأتم او أبيتم هي تجسيد للفلسطيني المنكوب الذي يعيش في بقع ثقافية لبقايا ثقافة منكوبة، ثقافة كُسرت الى اشلاء وشوه ما بقي منها، والتحدي الاكبر اليوم هو أستعادة البنية الثقافية لهذا المجتمع وأعادة تكوين وبناء ثقافة فلسطينية تُعبر عن أفرادها، تعبر عن افاردها اليوم، عن افرادها المنكوبين، والمحتجين والمنتفضين والثائرين، ثقافة تعبر عن هويتهم، عن أوجاعهم، عن أحلامهم وتطلعاتهم. ثقافة تعبر عن الفلسطيني المعاصر بكافة اشكاله، مواقعه وانتمائته.

ثانيا ميرا عوض اوافق معك لكن للاسف الشديد أختار ان أقف وقفة واحدة صارمة موحدة ومناهضة للقمع والأحتلال. لم اقاطعك ولم انادي بمقاطعتك ولن أقاطعك ولن انادي بمقاطعتك لكن بأسف وبحزن عميق اقول، لك طريقك ولي طريقي وطريقي ليست "سفارة سلام" في بلد يُذل فيه السفراء وتغلق به السفارات.
ويا ريت كنا كلنا بطريق وحدة لانه كلنا بهلوان ومع كل غلطة صغيرة منطير... وبالوقت الحاضر، بعكس حديثك مع رمزي، عم نطير بدون جنحان وبدون اي شبكة آمان لانه نتفولنا ريشنا وقصقصولنا أجنحتنا وسدو سمانا وسحبوا من تحتنا كل شبكة آمان.


للمزيد حول الموضوع ...

بهلوان – بصوت ميرا عوض

مقالة الزميلة رشا حلوة، ميرا عوض تعكر ليالي الناصرة

رسالة الحملة الفلسطينية للمقاطعة الى بلدية الناصرة

بالاضافة قام الأستاذ رمزي حكيم بأستضافة ميرا عوض ببرنامجه بتلفزيون فلسطين - نظرة من الداخل
تجدون تسجيل للمقابلة http://www.youtube.com/watch?v=9_BFH7v2zec

بالأضافة الى مقالة الزميل مرزوق حلبي في الموضوع – ابعد من الدفاع عن ميرا

اذلال السفير التركي في اسرائيل

مثال لسهولة التحامل على الفنان الفلسطيني في الداخل – علاء أبو دياب \ هَزمّيرت هَعَرَڤيت.. أمل مرقس


الوطني هو اللي بكون حريص على ابناء وطنه وعلى حياتهم وحياة عائلاتهم واحبابهم وعلى جودة حياتهم وعلى صمودهن، مش اللي بديق عليهن عيشتهن وبمرمرلهن حياتهن.
 
نسرين مزاوي – باحثة أجتماعية، ناشطة نسوية ومستشارة بيئية حاصلة على اللقب الاول في علم الاحياء واللقب الثاني في الإدارة البيئية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق