التعافي الاخضر في مدينة الناصرة

مداخلة فنية حول مقال الاستاذة نسرين مزاوي حول مشاكل الازدحام المروري
بقلم :صبحي قحاوش - معماري ومخطط مدن، استشاري عمارة خضراء 
مونتريال، ديسمبر2020 

تمهيد

يقول العالم الامريكي جيمس سالس (James Salliss) الذي التقيته في مونتريال لدى حصوله على الجائزة المالية بمقدار مئة ألف دولار من جامعة ميجيل الكندية: "انه بعد دراسة عشرة سنوات وصرف ما يقارب عشرة ملايين دولار لموضوع جديد ومهم بعنوان “How to be healthy without medication” وجد ان ممارسة المشي هي الوصفة الطبية الافضل لصحة الانسان بدون ادوية." ومن هذا المنطلق دعى الى ضرورة اعادة تنظيم المدن لاعطاء الاولوية الى توفير ممرات امنه للمشاة، وقال انه اجتمع مع رئيس بلدية مونتريال قبل الاحتفال به ونصحه بذالك.

أجد نفسي اسيرا لهذه المقولة وخاصة انها صالحة لكل زمان ومكان، وصالحة بقوة لأيام المرض سواء للكورونا ام لغيرها.

المحور الأول: تحويل بعض الشوارع في المدينة الى ممرات للمشاة

العالم الان بدأ يعيد النظر في تحويل بعض الشوارع الى ممرات للمشاة كوسيلة جديدة للخروج من منازلهم التي ثبت انها لا تفي بمتطلبات الصحة والمناعة في ظروف الجائحة الفيروسية. أليست الناصرة اولى المدن بالعودة الى اصالتها قبل الحداثة لتعود مدينة للمشي كما كانت، نعم، وألف نعم.  وهذا أسهل عمل يمكن ان تتولاه البلدية الان وليس غدا، وانا متيقن ان اهل المدينه سوف يكونوا اول الداعمين لهذه الخطوة

المحور الثاني: توفير مواقف للسيارات على مداخل المدينة الرئيسية لتجميع القادمين اليها

تعتبر السيارات مصدر رئيسي للتلوث البيئي كونها تعتمد على الطاقة الاحفورية، ولذلك فان أفضل وسيلة لحماية المدينة هو عدم السماح لها بالمرور او التواجد بالمدينة من حيث المبدأ، كما انه يمكن التخلص من الازدحام المروري، وتكدس السيارات في الساحات وارصفة الشوارع، الامر الذي يشوه جمال المدينة العريقة والجميلة منذ فجر التاريخ، وبناء على هذا وذاك فان افضل الحلول هو تجميعها على اطراف المدينة ومداخلها الرئيسية، وكما ورد في مقال الأستاذة نسرين مزاوي ابنة الناصرة البارة كما انني انصح بتوفير سيارات مناسبة تعمل بالطاقة النظيفة في أماكن تجمع السيارات وباسعار زهيدة لتشجيع القادمين الى المدينة من اجل الوصول الى الاماكن التي يريدونها، وهذا ات لا محالة خلال السنوات القليلة القادمة.

المحور الثالث: زراعة الحدائق

انها فرصة ذهبية ساعدتنا بها ازمة الكورونا للعودة الى مفهوم الحواكير في الناصرة، وهو ما نسميه الان بالزراعة الحضرية في الشوارع التي سيتم تحويلها الى ممرات للمشاة لتصبح حدائق غناء جديدة يستفيد منها كل سكان المدينة للتنزه والتمتع بالشمس التي حرم منها معظم سكان المدن الحديثة.

الخلاصة

ان خطة العمل لما بعد جائحة الكورونا الفيروسية والتي اود ان اسميها بالتعافي الاخضر هي الأهم إلى تحفيز النمو الاقتصادي وحماية المجتمع، وتوفير الصحة والسعادة له، وللعلم فقد توصلت وكالة الطاقة الدولية وصندوق النقد الدولي، إلى استنتاجات مماثلة، حيث أظهرت الدراسة أن خطة التعافي الأخضر، سيكون أداؤها أفضل كثيراً من الخطط التقليدية. وإذا استمرت زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فلن يكون هناك اقتصاد يمكن إنقاذه، بعد أن ينهار إلى الأبد نظام المناخ والمصادر الطبيعية التي تكفل القدرة على الصمود. والتحفيز الاقتصادي في غياب استثمارات رحيمة بالمناخ في جوهرها، ليس استثماراً طويل الأجل، بل هو بالأحرى مجرد أموال تسكب في البالوعة، وتهديد لأجيال المستقبل.

وخلاصة القول ان خطة التعافي لإعادة تخطيط المدينة لما بعد الجائحة الفيروسية هي مسؤولية جماعية واول من تقع عليه المسؤولية هم ممثلي البلدية ولا بديل لهم عن ذلك.

---
نشرت على صفحة المعماري د. صبحي قحاوش، تجدونها هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق